وتعليقنا على الوثيقة الأولى غير ضخامة مبلغ التمر والأشياء الأخرى التي تدل على قدرة عبد العزيز المجيدل على الوفاء، وتدل أيضًا على كثرة أملاكه، وقد رهن في الوثيقة الأولى ملكه بالصباخ المشتهر بملك (المجيدل) وهو يؤكد ما قلناه من كوننا عندما أدركنا الأمور نسمع أن (المجيدل) كانوا من كبار ملاك النخيل في الصباخ، والرهن يشمل جذع الملك من النخل وفرعه: أصله وعمارته، وسبق لنا تعريف الأصل بأنه التمر الذي لمالك النخل، وأن العمارة التي لفلاح النخل الذي لا يملكه، فابن مجيدل له الأصل، والعمارة.
وكذلك يشمل الرهن ملكه في (خب القبر) جذعه وفرعه فهو يملكه مثل نخل المجيدل ولكن لابن مجيدل أيضًا أشياء أخرى مثل عمارته بالنقيعة، ومعنى ذلك أنه لا يملك ذلك الملك وإنما يفلحه بجزء من ثمرته، ولذلك رهن عمارته فيه، ولم يرهن أصله وجذعه وفرعه، وقد أوضح العمارة تلك بأنها ثلثا التمر ومعنى ذلك أن ملاك النخل الذي بالنقيعة لهم ثلث التمر.
وأما (النقيعة) فهي ملك مزدهر في الصباخ يقال له النقيعة، على لفظ تصغير نقعة.
وتجمع على نقيعات وقد أشرت إليها في كتاب (معجم بلاد القصيم).
وقد ذكرت الوثيقة أن حمد الجاسر رهن ذلك بعد ما أطلق محمد بن عبد الرحمن الربدي الرهائن المذكورة لحمد الإبراهيم وأعطاه حمد مطلبه على عبد العزيز، فالربدي الذي هو جد (الربادي) كلهم فهو رأس الأسرة قد دفع إليه حمد الجاسر ما في ذمة عبد العزيز المجيدل له من الدين الذي كان رهن به أملاكه من أجل أن يكون ممكنًا أن يرهنها حمد الجاسر كلها بدينه.
وهكذا لابد للفلاح في تلك العصور من دائن يديِّنه، كما هو معروف لنا وأمثالنا من المتتبعين لهذه الأمور، وهو أمر معروف لمن عاصر تلك الأزمان.