كانت سنوات القرن الرابع عشر قد جاوزت عشر الستين بقليل.
ولذلك ينبغي أن يعلم هنا أننا إذا أطلقنا الكلام على المشيقح فإنما نريد حالتهم في تلك الفترة وما سبقها أو لحقها بقليل.
كانوا أغنى الناس في بريدة، بل هم الذين بضرب بهم المثل في الغنى والجاه والمكانة، والتضامن في تسيير أعمالهم، وكثرة ما يملكون من عقارات ومزارع، وكثرة الذين يستدينون المال منهم، حتى سموا (العمومة) ولفظ العمومة هنا هو جمع عم بمعنى سيد، وذلك أن الناس قد درجوا على تسمية الدائن بعم المدين، وطالما سمعت الناس وبخاصة الفلاحين يقولون: نبي نروح لعمنا يريدون به الذي استدانوا منه المال.
وقد أعطوا من التعاون والتعاضد فيما بينهم ما لم تعط أسرة أخرى فكانوا حتى الفتيان والصبيان منهم أمثلة في الجد والعمل، وقد توزعوا الأعمال فالرجل الثاني من أبناء عبد العزيز بن حمود المشيقح، وهو (حمود) بمثابة وزير المالية والمشرف على الدفاتر والديون، وأخوه صالح قد وكلوا إليه كل ما يتعلق بالفلاحات من النخيل والمزارع، وباقي الأسرة من أبناء الأبناء ونحوهم هم الجهات المتحركة بسرعة لإنفاذ ما يأمر به المركز الإداري.
وأكبر الأبناء هو عبد الله، ولد في عام ١٣١٠ هـ وأعطي من وفرة العقل وسعة الحيلة، وحسن التصرف ما لم يعطه كثير من الناس، حتى قال لي شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد قاضي بريدة، بل قاضي أكثر القصيم، ما رأيت في القصيم كله أكثر دهاءً من عبد الله المشيقح.
وقال لي مرة لا أعلم في القصيم كله رجلًا يستحق أن يطلق عليه الوصف بأنه داهية إلا عبد الله المشيقح كما سبق.