وقد بقي على ذلك مدة طويلة، فقال له عبد الله المشيقح: أأنت - يا فلان - مثل خرزة الحصا تعيب، أو قال: تصير عايبة وتبقى خمسين سنة ما طاحت.
والخرزة هي واحدة الخرز وهي حصاة قوية كبيرة تهذب لتوضع مع غيرها على هيئة عمود من الحجارة يحمل ثقل البيت، وقد جربنا أنها قد تميل ولكنها لا تسقط لأن استنادها إلى ما تحتها ولو كان استنادًا ضعيفًا يمنعها من السقوط.
ومرة كانوا في سفر حج وكانوا جائعين فطلب ومن معه من الخدام والشباب الذين معه شيئًا يأكلونه فأبطأوا عليهم ثم أحضروا لهم خبزًا ما أن بدءوا يأكلون منه حتى أحضر الأرز واللحم فرمى الناس ما بأيديهم من الخبز وأقبلوا عليه.
فقال عبد الله المشيقح: أنتم مثل الجنود الذين معهم بنادقهم إلى وصلوا مدافعهم رموا البنادق.
وعندما عهد إليَّ فتح المعهد العلمي في بريدة وعينت مديرًا له سعيت في أخذ أرض له هي التي هو عليها الآن فاعترض أناس من كبار الجماعة على ذلك بحجة أنها ينبغي أن تبقى من أجل الإبل التي تأتي إلى بريدة وتخرج منها، وليس عبد الله المشيقح من المعترضين، وقد أصررت على أخذها لأنها حكومية ولا يمكن أن تبقى إذا حرمنا المعهد منها، فعجب أناس مني كيف أستطيع أن أقف في وجوههم فقال عبد الله المشيقح: محمد العبودي ضعيف المغزى، قوي الأهل.
وكان ذلك في عام ١٣٧٤ هـ.
ومن أخبار دهاء عبد الله المشيقح ودقة تدبيره أن رجلًا كان من عقيل الذين يذهبون من القصيم إلى الشام في تجارة المواشي كان مشهورًا بأنة (كسِّيب) وهو الذي يحسن أن يستغل النقود التي يعطيه الناس إياها للتكسب قد تضعضعت حاله لأنه باع ما معه من الإبل بثمن قليل، ثم سرقت منه نقوده