وأصاب الجرب بعض إبله، فلم يبق معه شيء ولكن لم يعرف أحد حاله على حقيقتها فذهب من الشام إلى العراق عسى أن يجد فيها ما يعمله، فلم يجد.
فأزمع السفر إلى نجد وكان أحد المتعاملين مع (المشيقح) في الكويت لديه ألف ريال فرانسي فضية وهي مبلغ كبير في ذلك الوقت يريد إرسالها إلى المشيقح في بريدة فأعطاها إياه، ولكن الرجل كان مُفلسًا وهو معروف قبل ذلك بالكرم وحسن الحال قال يحكي عن نفسه: ففرحت بهذه الدراهم، وقلت: هذي جابها الله، واشتريت ببعضها كسوة لأهلي وبعضها هيل وقهوة وعود بخور.
ولما وصلت إلى بريدة لم أذهب للمشيقح ولم أذكر لهم ذلك ظنًّا مني أنهم لم يعلموا حتى الآن بأن الدراهم أرسلت معي.
قال: ولكن تبين أن الأمر ليس على ما ذكرت وأن صاحب الكويت قد أرسل للمشيقح كتابًا مع رجل آخر يخبرهم فيه أنه أرسل الدراهم معي إليهم.
وقد صادفت عبد الله العبد العزيز المشيقح في السوق فقال لي: يا فلان: ما شفناك ولا جبت الدراهم اللي معك لنا.
قال: فقلت له: يا عم عبد الله الدراهم أنا أكلتها وأنا منكسر ولا عندي ولا ريال.
قال: فسكت عبد الله المشيقح كالمفكر قليلًا ثم قال لي: اسمع إلى صار باكر تراي أبي ادخل على عبد الله العلي القفاري في دكانه، فإذا شفت إني بقيت عنده ربع ساعة تقريبًا ادخل علي بدكانه وسلِّم عليَّ كأنك ما شفتني قبل هالساعة، وبعدين تراي أبي أطلع من دكانه فإذا طلعت قل له: يا عم، أنا أبي أروح للشام أترزَّق الله، إن كان عندك دراهم دين وبضاعة فأنا على عازة دراهم.