يريد أن يخزنها فعرضها بثمن رخيص لم يكن لديَّ فذهبت إلى المشيقح في دكانهم في غرب سوق بريدة وكان فيه عبد الله المشيقح وأخوه حمود الذي كان عنده الدفاتر، فتكلمت معهم بأنني أحتاج إلى أن أستدين منهم قيمة ملح البارود الأبيض الذي هو الشوره فرحبوا بذلك وعرضوا ثمنًا رخيصًا أظنه العشر أحد عشر أي الفائدة هي ١٠% ولكنهم لا يغرضون نقودًا ولا يأخذون نقودًا وإنما يعطون المدين طوائق خام أو سكر أو نحو ذلك بقيمته في السوق زائدًا ١٠% فلما أراد حمود أن يكتب وثيقة المداينة التفت إليَّ وقال: والرهانة؟ وش عندك من الرهن، نبي نرهن بيتك.
قال والدي: فلم أتحمل ذلك وإنما قلت له بغضب: يا حمود، تبي ترهن بيتي حتى ينقطع لك بالرهن، تراي ما أبي هالدين كله، ثم نهضت مسرعًا، فقال لي عبد الله: استرح، يا أبو محمد، والتفت إلى حمود، وقال: ناصر العبودي ما يحتاج رهن.
وهكذا أخذ منهم النقود بدون رهن وأوفاهم إياها في وقته، وما ذكره والده من احتمال أنه لا يستطيع أن يوفي الدين، وأن يملك آل مشيقح بيته بموجب عقد الرهن إذا لم يوفهم دينهم أمر شائع عند الناس ويعللون ذلك بأن حظ المشيقح يغلب حظوظ الآخرين ممن يدينونهم ويرهنون بيتوتهم، أو فلاحتهم لا يستطيع في الغالب أن يوفي الدين فيصبح بيته وفلاحته للمشيقح ويذكر الناس لذلك عشرات الأسماء للناس الذين انقطعت بيوتهم بالرهن للمشيقح حسب تعبيرهم.
أقول هذا الذي حدث لوالدي معهم خلاف ما حدث لي، ذلك بأنني لم أستدن دينًا إلى أجل في حياتي كلها إلا مرة واحدة كنت آنذاك في الثامنة عشرة من عمري وكان ذلك في عام ١٣٦٣ هـ - وكنت مستغرقًا في طلب العلم متفرغًا له لا أكاد أخرج من المسجد ومن الزم اللوازم لطالب العلم أن يتمسك بزيه، وذلك أن يكون له مشلح (عباءة)