وهذه الشهادة من باحث متبصر يمكن لنا أن نقول عنها: والحق ما شهد به الخصوم.
وإنّي أحقّق أنّ الشيخ الخضر كان في مؤلفه هذا مثالاً للعالم المحقق ذي الخلق الرفيع، يقرع الحجّة بالحجّة، ويرد الدّليل بالدّليل، ولا يُسِفُّ في تعبيره، ولا يخرج عن حدود النقد النزيه المدعم. وقد رأينا أنّ أحد مناصري الشيخ علي عبد الرازق يقرّر علوّ نقد الشيخ الخضر، وتماسكَ أجز الله، وتعمقه، وترابطَ ردوده، وسموها.
وكأنّه -برّد الله ثراه- أراد أن يترك مؤلفاً علمياً لا لغو ولا غث به يخدم العلم والفكر، فكان له ما أراد.
وللحقيقة والتّاريخ، فإن كتاب الشيخ الخضر هو شرح وإيضاح ونقد لكتاب الشيخ علي عبد الرازق، يبيّن غموضه، ويوضح عيوبه، ويكشف هفواته وزلاته، ويحاول إصلاحها.
كنت يوماً أطالع كتابَي الشيخين: عبد الرازق، والخضر، إذ دخل عليّ شيخ من شيوخي أستاذ لي، وقال: إنك تجمع بين النار والماء. فقلت: لعلّ هذا يخفّف من حدّة تلك.
والشيخ علي عبد الرازق واحد من أسرة فضل وعلم لها مجد تالد، منها: عبد الرازق باشا الكبير الذي وقف على قبر الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده راثياً، مع خمسة من أقطاب مصر، منهم: حفني ناصف الذي راسل فيما بعد حافظ إبراهيم قائلاً:
أتذكرُ إذْ كنّا على القَبْرِ ستّة ... نعدّدُ آثارَ الإمام ونخطبُ