والرحلات حتى زرنا شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله، وكان إذ ذاك قاضيًا في الدلم (تبع الخرج) وكان الشيخ عبد العزيز رحمه الله في هذا الوقت له شهرة بارزة لاسيما أنه كان هو الوحيد من مشايخنا الذي يفتي بأن الطلاق بالثلاث بلفظ واحد عن واحدة كما هو المشهور عن شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله ولعله مذهب أهل الحديث أو كثير منهم.
كما تعرفت في هذه الفترة على الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ رحمه الله وكان حينئذ هو الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولزمته مدة طويلة حتى انتظمت عضوًا في الهيئة مدة تقرب من أربع سنوات وأشهر وكان الشيخ عمر رحمه الله في هذه الفترة هو المسؤول عن المساجد وتعيين الأئمة والمؤذنين فعينني إمامًا في مسجد الإمام عبد الرحمن بن فيصل رحمه الله الذي على شارع الملك فيصل جنوبا وكان يطلق عليه سابقًا شارع الوزير، وذلك قبل أن يبني مسلحا وبعد أن عمر مسلحًا أصبح جامعًا فكنت أخطب فيه ومكثت إمامًا به قريب اثني عشر سنة من عام ١٣٦٤ هـ - ١٣٧٦ - وكنت ألقي الخطب ارتحالًا بحماسة وبغيرة شديدة حيث قد ثارت في نفسي فورة الشباب الحريص على تغيير المنكرات عن طريق الخطب والكلام الأمر الذي أدى إلى إغضاب ولاة الأمر من الحكام والمشائخ وبعض المصريين نتج عنه إعفائي من إمامة المسجد جمعة وجماعة.
والأسباب التي أحفظت المسؤولين كثيرة ومن أهمها هذا الموضوع وهو أنني ذات مرة في إحدى الخطب تكلمت عن بعض حقائق التوحيد بأسلوب شديد وصريح حيث قلت عن هذا الموضوع: إن المصريين لهم حق أن يقولوا نحن وإن كنا نغلو كثيرًا في عبادة القبور وأن كثيرًا منهم يدور حول القبر كما يدور الحمار في الرحى وأنتم يا معشر أهل نجد نرى كثيرًا منكم قد عبد الدنيا واتخذتم ملوككم ومشايخكم أربابا من دون الله.