وقد عهدناها كذلك أطلقوا عليه النار فأردوه قتيلًا، ثم فروا حسب اتفاق بينهم وبين باقيهم الذين جاءوا من عنيزة إلى ما كان يعرف بالقلعة، وهو موضع قصر بريدة الشهير، الذي كان في شمال الجردة، وكانت القلعة آنذاك حوشًا واسعًا فيه مقصورة حصينة، وذلك قبل أن يبني حسن المهنا قصر بريدة، فتحصنوا فيها مع بقية جماعتهم.
أما الأمير مهنا الصالح فإنه بعد أن سقط برصاصهم لم يعرف الذين نزلوا إليه من سائر الناس ما إذا كانت إصابته قاتلة أم لا فنادوا (الحوطي) وهو رجل يحفر القبور، ويغسل الموتى ويعرف لذلك ما إذا كان الأمير قد مات.
قالت الرواية: فكان الحوطي يدخل يده في جيب مهنا يتحسس فيه النقود الصغيرة التي كان مهنا الصالح قد اعتاد على أن يأخذها معه، لكي يمنحها لمن يعترض طريقه يسأله المعونة من المال، قالوا: بعد ذلك جس جسمه ونظر إليه، وقال: الأمير مات.
فزع أهل بريدة وفيهم أبناء مهنا ورجاله علي بني عليان بقيادة ابنه عبد الله المهنا، ولكنهم كانوا متحصنين في برج القلعة وهذا هو اسمها، إلا أنها ليست قلعة كالقلاع المحصنة فهي مبنية بالطين، ولذلك يسميها بعض الناس المقصورة، وأحاطوا بهم ولكنهم كانوا مسلحين وقتلوا اثنين أو ثلاثة من المهاجمين فتوقف الجميع عن الهجوم، وهابوا الاقتراب من البرج.
قالوا: وكان شخص اسمه (ابن نصار) وليس من النصار آل أبو عليان وبينه وبينهم عداوة وبينه وبين مهنا الصالح علاقة صداقة ومحبة، فقال: تراكم ما تقدرون عليهم إلا إذا أوصلتم تحت البرج تنكة بارود أي صفيحة مملؤة بالبارود وفجرتوها، فأحضروا التنكة المليئة بالبارود، وقالوا: شاغلوهم بالرمي عليهم بينما كان اثنان منهم وقد حل الظلام يتسللان إلى ما تحت البرج، ويضعان البارود ثم نثروا في الأرض بارودًا متصلًا على هيئة حبل وأشعلوا