معه حسن المهنا ومعه جنود القصيم وكانوا جميعًا نازلين على روضة قرب شقراء وكان الوقت وقت أمطار، وقد كثر نزول المطر على الروضة حتى صارت أرضها طينًا مع ماء لا يستطاع السير عليه إلَّا بصعوبة وتلوث ثياب.
وكان مجلس لمحمد بن رشيد وحسن المهنا معتادًا، فأرسل ابن رشيد إلى حسن المهنا أن يأتي إليه في مجلسه المعتاد فاعتذر بصعوبة السير على ارض هذه الروضة، قال: فأرسل محمد بن رشيد أربعة من عبيده الأقوياء، ومعهم سجادة وقال لهم: احضروا لي حسن المهنا بهذه السجادة خلوه يجلس عليها وأنتم احملوه على أكتافكم.
قال: ففعلوا، وذلك من شدة حرص محمد بن رشيد على أن يجلس حسن المهنا معه، وقد عجب الناس من إكرام محمد بن رشيد لحسن المهنا بهذه الطريقة، قال: وقد رأيته بعيني والعبيد يحملونه على أكتافهم وهو رجل ذو مظهر منعم.
قال فهد بن سدحان: وبعد سنوات رأيت حسن المهنا في منظر مختلف، بل بعيد جدًّا عن هذا الإحتفاء، وذلك في مكان اعتقاله في حائل، وقد صفدت قدماه وأغلق عليه باب سجنه، وجعلوا في سجنه أو لنقل معتقله نافذة يصعد إليها الناس فيطلون على حسن المهنا يرونه منها رجلًا قد أهمل شعره فاختلط شعر شاربه بعارضه وشعر لحيته وصار شعر رأسه منتشرًا مهملًا لم ير المشط منذ سنوات، والناس يتفرجون عليه من تلك النافذة وهو على تلك الصفة.
أقول: بلغنا من غيره أنهم جعلوه بمثابة الفرجة للناس، ودليلًا على قدرتهم مع أنه رجل كبير السن ومتدين ومغلوب، بل هو أسير حرب، لأنهم قبضوا عليه في أعقاب وقعة المليدا التي كان من المفهوم أن يعتقلوه وألا يطلقوه إلَّا إذا شاؤا، ولكن أن يسيئوا بهذه الطريقة على شيبته، ويخدشوا كرامته فهذا غير معتاد لغيرهم.