ويتناقل أهل بريدة قصة رجل مجنون من أهل الصباخ وعاش في بريدة، وأنا أعرفه وأعرف أسرته، ولن نذكرها محافظة على مشاعر أسرته، وكانت العامة تقول: إن فيه جنيه اسمها حصيصه - تصغير حصة - فقال الحسن المهنا: والله يا كيس هنا بالشماس، ويريد بلدة الشماس التي كانت قد هجرت وغادرها سكانها منذ عهد الأمير حجيلان بن حمد، والكيس: الكنز، وكانت العامة تعتقد أن الخرابات وأماكن البيوت القديمة قد يكون فيه كنز لأن الناس في تلك العصور كانوا يدفنون نقودهم التي يخافون عليها في الأرض ويقولون في أمثالهم: الأرض ما تعلم باللي فيها، فاعتقد الناس ومنهم حسن المهنا أن جنيته التي يسمونها (حصيصة) هي التي أخبرته بموضع الكيس الذي يعني الكنز من النقود الذهبية أو الفضية ولو لم تكن موضوعة في كيس، فسألوه: وين الكيس - يا فلان - فقال في الشماس، تعالوا معي، وأرسل حسن المهنا معه بعض رجاله ومعهم عمال يحفرون الأرض فحفروا حيث أشار لهم في أرض معتادة وحفروا وحفروا ولم يجدوا (كيسًا) أي كنزًا فلما أكثروا وشق عليهم أكثر قال لهم: (إن ما لقيتوا كيس لقيتوا ماء) يريد أنكم ستصلون إلى الماء الموجود في الأرض.
وما دام الأمر يتعلق بالمجانين نذكر أن مجنونًا صاحب كلام يؤثر عنه قال له حسن المهنا وهو - أي حسن - جالس في السوق: تعال، يا فلان، منين أنت جاي؟ فقال المجنون: لا تنشد الصعلوك عن مذاهبه.
فقال حسن: لا، علمني من أين أنت جاي، يريد أن يسمع منه شيئًا يكون بمثابة النكتة، فقال المجنون: أنا جاي راكب جمل عور - أعور - الله يلعن كل عور، وكان حسن المهنا قد أصيبت إحدى عينيه في إحدى المعارك فصار كالأعور! ! !
وعندما هاجم أناس من أهل الرس حَمْلًا لأهل بريدة، والحمل بفتح الحاء وإسكان الميم هو القافلة التي فيها بضائع، وقد دافع أهل الحمل الذي كان في منطقة قريبة من المدينة المنورة قتل أهل الرس من أهل القافلة رجالًا وأخذوا