بين هذه التناقضات يدور محور الرواية حول صراع القديم مع الجديد وما بينهما .. فالهدام عقاب من الله بسبب البدع الجديدة كالمدرسة والبرقية والسيارة حسب وجهة نظر المحافظين، وهي أيضًا عقاب من الله ولكن بسبب المحافظة على الوضع القائم حسب وجهة نظر المظلومين .. وهي شيء صحراوي آخر عند من يمكن أن نسميهم محايدين .. تقول إحدى الشخصيات: يا إخوان مثل ماتشوفون السياكل والغتر البيض والدخان والصور بدأت تنتشر وباعتقادي أنها بدع جديدة .. وعلى العكس من ذلك تقول شخصية أخرى عن البلدة: إنها تمتلك محرقة تاريخ كغيرها من البلدان الغاشمة التي تتحدى التغيير .. وفي سياق آخر تقول الرواية: الجديد يعتبر آخر، والأخر كافر، والكافر يجب أن يذبح، والذبح حق، والحق مجهول علمه عند خالق الصحراء .. لذا تقرر الذبح لمثيري الشغب ..
إلَّا أن كثيرًا من شخصيات الرواية لم تكن ذات طبيعة حذية أبيض أو أسود، بل كانت متداخلة ممتزجة، وحتى بطل الرواية لا يأتي وسط الأحداث إلَّا قليلًا، بل حتى زمن الأحداث لم يكن محددًا بتاريخ تلك السنة (الهدام) ولم يكن خطيًا، بل تداخلت الأزمنة الماضية مع الحاضرة آنذاك مع المستقبل ..
ويرسم الراوي الأحداث والحوارات ليصل بالقارئ حد البكاء المفجع حينا، والضحك الهستيري حينا آخر .. فمن المبكي عندما ترى أم ابنها الهارب من ظلم البلدة وقد تحول إلى واحد من قطيع كلاب ضالة .. تناديه باسمه بكل حرقة وحنان وهو ينبح تجاهها ويكاد يفتك بها ولو تدخل الآخرون ..
ومن الكوميديا: كان عربيد الريشاء يمارس بعض الحركات الإرهابية ولكن ضد حماره لأنه لا يستطيع ممارستها مع الآخرين، وكان يستعمل الرفس