ثم إنه طلب النقلة إلى الشقة السفلى المعروفة بالسفيلي، فقام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعل يدرس فيها بجد ونشاط صباحًا وظهرًا وبعد صلاة المغرب والعشاء، وبذل نفسه في هذا السبيل، وهناك أخذ عنه جمع غفير من سكان الشقة، وكان قارعًا للشعر، وقد قدمنا جملة من شعره.
وذكر بعض قصائده إلى أن قال:
وله قصيدة بائية في آداب العلم وما ينبغي لطالب العلم أن يتأدب به، وذكر فيها آفات العلم، وقد جاوب عليها زميله الشيخ عبد الرحمن بن عبيد بن عبد المحسن، ذكرنا قصيدة الشيخ عبد الرحمن في سنة وفاته، فمن أبيات قصيدة المترجم قوله في مطلعها:
يقول الذي قد ضيع الوقت بالمنى ... ويبغي ارتقاء للذرى والمراتب
ويبغي اقتناء للعلوم سفاهة ... وأنَّي يقتنيها بالوعود الكواذب
كمثل الذي خال سرابًا بقيعة ... ويحسبه المغرور عذب المشارب
تفكر في نفس له وصنيعها ... رأى إذا فيها كثير العجائب
فواهًا على قلب عليل مصفح ... أحاطت به الآفات من كل جانب
فآفة العلم الجدال مع المرا ... وأيضًا انتصار للهوى والتغالب
وقال وقيل لا يفيد حصولها ... سوى كثرة البغضا وقل التحابب
وقلة آداب وضحك مجاوز ... لما قاله المختار أزكى الأطائب
وأيضًا نهى عنه حديث مصحح ... ومن بعده نهى علي بن طالب
وحث على كسب العلوم وصونها ... من الشوب بالضحك الكثير المعائب
فإذا تعلمتم وأيضًا كضمتموا ... ففيه اعملوا حتمًا على كل طالب (١)
(١) تذكرة أولي النهى والعرفان، ج ٥، ص ١٠٣، ١٠٩ (الطبعة الثانية).