وهناك مسألة مهمة ولكن لا يدركها إلا المشايخ المتمكنون من الفريقين وهي أن الشيخ ابن جاسر وأتباعه لا يكفرون المعين لمجرد أنه أتى بالكفر بمعنى أنهم لا يحكمون عليه بأنه كافر مخلد في النار، يقولون: إن ذلك لكونه قد يتوب قبل موته، وإنما نقول: إن فعله كُفْرُ إلا إذا علمنا أنه مات على كفره.
أما المشايخ آل سليم وأتباعهم فإنهم يقولون: إن من عمل الكفر فإنه كفر، ولكن باب التوبة مفتوح أمامه.
والذي ضخم الخلاف وأخرجه للعلن، بل وأبقى عليه ظاهرًا لسنوات طويلة هي السياسة فالمشايخ آل سليم وأتباعهم هم قلبًا وقالبًا مع آل سعود ومع المشايخ آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أما الآخرون فإنهم يميلون إلى آل رشيد وآل رشيد وبخاصة عبد العزيز بن متعب الرشيد يميلون للأتراك، ولذلك أعطته الدولة التركية قوة من الجنود الأتراك النظاميين الذين قاتلوا معه في سنة البكيرية.
وقد بلغ الأمر بذلك أن نمي إلى علم الملك عبد العزيز آل سعود أن الشيخ عبد الله بن عمرو أقوى جماعة الشيخ ابن جاسر قد ذهب إلى العراق عن طريق الكويت، لكي يؤلب الدولة التركية ضد ابن سعود ويطلب منها أن ترسل جيشا لذلك.
ولذلك أرسل إليه الملك عبد العزيز من يقبض عليه عند عودته من الكويت إلى بريدة فقبض عليه بالفعل في الشماسية، ونقل إلى الرياض، حيث قتِل هناك.
وسوف تأتي تتمة لذلك في ترجمة الشيخ ابن عمرو، ومعروف أن الشيخ ابن عمرو هو الرجل الثاني في هذه الجماعة، وقد استمر الخلاف والتمايز عند ما تغلب الملك عبد العزيز آل سعود على آل رشيد فصارت الوظائف الدينية والتصدر للتدريس والقضاء والإفتاء من نصيب آل سليم ومن معهم، دون الفريق الثاني وذلك استمر إلى ما بعد وفاة الشيخ عمر بن محمد بن سليم آخر كبار المشايخ العلماء من آل سليم في آخر عام ١٣٦٢ هـ.