وأولى فقرات هذا الفصل عنوانها واضح المقصود، ولكنه ملتبس الحدود في أذهان بعض الناس وهو:(الإرهاب بين تضارب المفاهيم، وتعدد الأسباب).
وفي هذا المقال المهم أو الفقرة المهمة من هذا الفصل (ص ١٩٧) قال المؤلف: "ولما كنا نود الحديث عن إشكاليات الإرهاب المتمثلة باختلاف المفاهيم وتعدد الأسباب وتنوع الانتماءات وأساليب المواجهة، اقتضى التناول المعرفي السليم تعريف كل مفردة بما يقربها إلى الطرف الآخر، فإذا استقرت في الأذهان استقرارًا معرفيًا عقلانيًا أمكن النفاذ إلى صلب الإشكاليات، لتصورها أولًا، ثم اتخاذ أجدى الحلول وأهداها وأيسرها، وسوف يكون حديثنا عن المفاهيم والأسباب أولًا، ثم نفيض إلى سائر الإشكاليات.
ولأن لكل طائفة من الأناسي والمفكرين والساسة رؤيتها وموقفها ومرجعيتها، فإن من أوجب الواجبات استكناه الرؤى والتصورات وحدود المرجعيات، ومحاولة التماس القواسم المشتركة والانطلاق منها.
وحديثنا يمتد إلى كلمات تعريفية وإجرائية: كـ (الإرهاب)، ومفاهيمه و (الأسباب) وتعددها و (الانتماءات) و (المواجهات) وأشكالها، وتلك حيازات دلالية وإجرائية، تتداخل كالدوائر، وتفترق كالمتوازيات، فما الإرهاب بوصفه ظاهرة؟
وما هو بوصفه فعلًا إجرائيًا يمس أطرافًا معينين، ويقوم به أطراف معينون، ويقع في ظل ظروف معينة؟ ثم: ما الأسباب؟ والإشكالية ليست قصرًا على تعريف جامع مانع، يتفق عليه كل الأطراف، وإنما هي في توحيد الموقف، وتجنيس المواجهات، وأخشى ما أخشاه أن يتحول الإرهاب من مُفرَز لعبة إلى لعبة مستقلة، وإذا نيفت التعاريف على المائة فإن إمكانية الاتفاق متعذرة، وكأني به معهود ذهني يُعرف ولا يعرَّف وهو إخافة أو ممارسة