أما أنا فإنني أرى غير ذلك، فمن الناحية التاريخية لابد من ذكر الأمور والماجريات التي حدثت في البلاد ولكن يكون تناولها بالعدل والإنصاف.
وشيء مهم آخر وهو أنني حرصت في هذا الكتاب على أن أسجل ما يتصل بالحياة العلمية والحركة الفكرية فيها.
وهذا كله برز واضحًا في الخلاف بين الشيخ إبراهيم بن جاسر وبين آل سليم ومن معهم من طلبة العلم في بريدة ومن ثم في غيرها من مدن القصيم بل في بعض مدن نجد مثل حائل، وأراه طبيعيًا، إذ على أثر الحركة التي يصح أن نسميها النهضة العلمية على أيدي المشايخ آل سليم التي جعلت مدينة بريدة مقصدًا لطلبة العلم من أجل الدراسة وتعلم العلم على أيديهم، وتوسعهم في دراسة العلوم الدينية المعروفة لابد أن تنشأ حركة فكرية مؤيدة أو معارضة البعض مفاهيمهم العلمية، لاسيما عندما دخلت السياسة في الأمر، وإن كان المشايخ من كلا الطرفين لم يكونوا يتناولون هذه المسائل العلمية من الجانب السياسي، وإنما كانوا يتناولونها من الناحية العلمية غير أن العلم المفضي إلى القضاء كثيرًا ما يختلط بالسياسة، أو يؤثر فيها أو تؤثر فيه.
والدليل على ذلك أن الشيخ ابن جاسر وأتباعه يأخذون علي آل سليم وأتباعهم التشدد في الدين وينكرون عليهم ذلك، ومع ذلك حصلت حركة فكرية تبدو مضادة لفهمهم، أي لفهم (الجاسريين) - أن صح التعبير - وهي التي ترى أن بعض المشايخ آل سليم وتلامذتهم الذين يرون رأيهم، لديهم تساهل في نظرتهم العلمية، وإنهم يجاملون الحكام، وعلى رأس المعروفين بهذه الاتجاه عبد الله بن حماد الرسي وعيسى الملاحي وابن عقلا في الهلالية وابن فريح في البكيرية، وإن كانوا لا يعادون المشايخ آل سليم ولا تلامذتهم.