فقال: هذا لعشا باكر يوهمهم أنه لهم، لأنه يمكن أن يعلق على البعير بذلك السير.
وكان يمضي في عمله في تقطيع أوصال الناقة، فإذا صادف لحمة مختارة نظمها في السير حتى جمع فيه من لحم الناقة ما لا يكاد الرجل ذو القوة المعتادة أن يحمله.
ثم استغفلهم وفرَّ به من بينهم.
فأسرعوا وقد علتهم الدهشة يريدون أن يلحقوا به ليأخذوا منه اللحم ولكي يجبروه على أن يكمل تقطيع لحم الناقة لهم.
فلم يستطيعوا حتى الاقتراب منه.
فأسرع أحدهم إلى ناقة لهم مر بها ملحا أي سوداء فركبها يريد اللحاق به غير أن جالسًا عندما رأى الناقة كشف عن سوأته لكي يبعد ثوبه عن بدنه ليكون ذلك أسرع له بالركض، فإذا قربت منه الناقة ضرب على عجيزته وقال بأعلى صوته:(ملحا يا مليحا): أي: هي ناقة سوداء يا أيتها السوداء يخاطب عجيزته ثم قفز إلى الأمام قفزات تبعده كثيرًا عن الناقة وصاحبها، وعجز المطاردون عن اللحاق به.
وقد تعدى ذكر (جالس) هذا وقوته نطاق المجالس والحكايات الشعبية إلى التسجيل في الكتب حيث سجل إبراهيم أبو طامي عنه ما يلي:
جالس بطل من أبطال بريدة:
فلاح متواضع من أهالي بريدة قصره لا يزال بوادي الرمة وكان فيه قوة وفيه شجاعة، وفي إحدى السنوات زاد الخير، وأصبحت أرضه بما فيها كالروضة اليانعة.