الطبيعي في مثل هذه الحرب من أجل أنه إذا انبلج النور كان المهاجمون ليلًا قد كسبوا المعركة.
ولذلك قال: جملة الناس برقود، أي أكثر الناس كانوا نيامًا، إلَّا أن بعض أهل القهاوي وهم الذين يصنعون القهوة ويشربونها، كانوا لا يزالون مشعلين ضواها أي لا يزالون في صنع قهوتهم.
وقوله في البيت الثالث: مزنة تصيح الخ: هذا له قصة وهو أن أحد المهاجمين عندما دخلوا قصر الأمير عبد الله بن رشيد أمير عنيزة في ذلك الوقت رأى ابنته (مزنة) على رأسها هامة وهي حلية كبيرة من الذهب تكون على رؤوس نساء الأغنياء، فأراد أخذ (الهامة) التي سميت هامة لأنها تكون على هامة رأس المرأة، وهي أعلى رأسها، فوجد أنها مثبتة بخصلات شعرها بشيء من الخيوط كما هي العادة، ولكنه لن ينتظر حتى تخلعها من رأسها فانتزعها من رأسها بقوة وانتزع معها خصلات من شعر رأسها، ولذلك قال العرف: مزنة تصيح ومقدم الرأس أي شعر مقدمة رأسها مشدود بمعني مربوط بهذه الحلية.
وأكمل البيت بقوله: يا ليتهم ما بَرَّقوا في صباها، يريد ياليتهم لم يروا وجهها وصباها الجميل.
وظاهر هذا يسير على ما كان أهل نجد يسيرون عليه في حروبهم وهو عدم المس بالنساء في الحروب حتى نساء المغلوبين، فهم لا يتعرضون لهن إلَّا بأخذ ما معهن مما له قيمة، ولم يذكر الشاعر إلَّا أنهم برقوا بمعنى أحدوا النظر في صبا ابنة الأمير، وإلا فإنهم لم يتعرضوا لها بغير انتزاع الحلية من شعرها.
ثم ختم قصيدته بهذا البيت الذي يوضح أن أمير عنيزة عبد الله بن رشيد وهو من الرشيد الذين هم من سبيع لا علاقة له من النسب بالرشيد أمراء حائل غائب عن عنيزة لأنه لم يكن يتوقع أن هجومًا سيحدث عليها.