ولذلك قال: يا ليت أبو ردن حضر، وأبوردن كنية لقب بها الأمير المذكور، وقوله يا فتى الجود - هذا حشو يخاطب به من يسمع شعره إلَّا أن الجد ذكره بقوله: ما كان صَرَّت أي صوتَّت بالمحامل وهي مراكب النساء على الإبل، جمع محمل وقد ذكرت هذا اللفظ بإيضاح كاف في (معجم الألفاظ العامية)، وهذا يدل على ما عرف من أن الإمام سعود بن عبد العزيز عندما استولى على عنيزة في هذه المرة أجلى بعض آل رشيد أمراءها عنها.
وهذا معنى قول الشاعر: صرت بالمحامل نساها أي نساؤها، وهذه الواقعة وقعت في عام ١٢٠٢ هـ، وقد نقلها المؤرخون ولكنهم لم يتعرضوا الذكر حجيلان، ولا للشعر العامي الذي وثق ما حصل في هذه الوقعة.
وينبغي أن ننبه هنا على ما قد يفهم من الشعر من أن حجيلان بن حمد قد غزا عنيزة بجنوده خارجًا إليها من بريدة فهذا غير حاصل، بل إنه يخالف ما عرفناه من تاريخ العلاقات بين بريدة وعنيزة.
فلم يحفظ التاريخ ولا نعرف ولا حتى مرة واحدة أنَّ جيشًا من أهل بريدة بقيادة أميرها خرج منها مهاجمًا مدينة عنيزة، كما لا نعلم في التاريخ أن جيشًا خرج من عنيزة بقيادة أميرها مهاجمًا وحده مدينة بريدة.
وإنما الذي حدث أنه إذا هاجم إحدى المدينتين مهاجم من خارج المنطقة، فإن أمير المنطقة الأخرى قد ينضم إليه بمثابة المساعد أو الموافق له على ذلك الهجوم، وهذا قليل جدًّا مثلما حدث في هذه الوقعة.
وهذا ما ورد في التاريخ المكتوب عن هذه الوقعة:
قال ابن بشر رحمه الله:
وفيها سار سعود بالعساكر المنصورة وقصد ناحية القصيم، ونزل بلد عنيزة لأنه ذكر له أن أناسًا من أهلها يريدون نقض العهد من آل رشيد وأتباعهم، فأمر