للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روى لي شخص آثر عدم ذكر اسمه، يقول فيه: كنا مجموعة من الرجال في رحلة برية، إذ وقف علينا رجل فسلم وعرضنا عليه مشاركتنا الغداء، فلم يعارض وشاركنا الغداء، وعندما رأى إلى أنواع الطعام مما لذ وطاب بكي، فقال له راوي هذه السالفة: ما يبكيك؟ فقال: هذه النعمة التي نحن فيها أدامها الله، حيث مر بنا من الجوع ما الله به عليم.

وسوف أروي لكم سالفة مرت بي أنا شخصيًا، والكلام للرجل الضيف:

دخلت على أهلي، فإذا أطفالي يبكون من شدة الجوع، فقالت أمهم (زوجتي): أولادك منذ أمس لم يأكلوا شيئًا وهم بانتظارك، لعلك تحضر لهم طعامًا، فإذا بك خاوي اليدين، فماذا نعمل معهم وماذا نعطيهم يأكلونه؟ فقلت لها بكل أسى وحزن والدموع تنهال من عيني: يبعث الله لنا رزقًا إن شاء الله، فقالت الزوجة:

من أين؟ يسقط علينا أكل من السماء؟

اذهب واستدن لنا عيشًا أو تمرًا، فقلت لها: ومن يُديِّنُنَا؟ فخرجت من منزلي، وذهبت إلى السوق (الجردة) في وسط مدينة بريدة، واتجهت إلى أهل العيش الذين يبيعون العيش، فاتجهت إلى أحدهم وسلمت عليه وقلت له: كِلّ لي صاعا من هذا العيش، وعندما كاله لي ووضعه في كيس، أدخلت يدي في جيبي كأنني أريد أن أخرج الدراهم وبدأت أبحث عن دراهمي الوهمية في جيوبي، وأدخل يدي وأخرجها، فقلت لصاحب العيش: يا عم، نسيت الدراهم في البيت، أعطني العيش والدراهم أحضرها لك بعد قليل، فقال لي البائع: ضع العيش، فجذب الكيس من يدي بقوة وأعاده إلى بقية عيشه، وقال: ما عندي شيء للبيع، اذهب وأحضر الدراهم أولًا، فذهبت من عنده مكسور الخاطر، عين للتراب وعين للغراب، كما يقول المثل، فتركته، وذهبت شرقًا باتجاه مقبرة الصقعاء التي هي الآن غرب المديرية العامة للتعليم (تعليم البنين).