بالشماسية، وأعطاه أبو سليمان عشرين ريالًا، وقال له: خذ هذا المبلغ حقًّا لأتعابك وحقًا للبنزين.
قال: يا عم، ما احتاج إلى مبالغ فهو في نفس بلدتي - الشماسية - بل وجار لي بالمنزل، والراكب ننقله بريال واحد، فقال أبو المساكين: خذها وصل على النبي، اللهم صلّ على نبينا محمد.
وانصرف أبو سليمان والرجل السائق ما بين مصدق ومكذب مما جاءه من الرزق على يد هذا الرجل، فمرة ينظر إلى الدراهم التي بيده، ومرة ينظر إلى الرجل الذي أعطاه هذا المبلغ ولم يعرف أنه عبد الله الجربوع.
وأما الموقف الثالث: والذي رواه لي أيضًا الزميل عبد الكريم الجربوع، والذي نقله عن أحد العمال، يقول فيه:
يقول العامل: كنا نشتغل - نعمل عند عبد الله الجربوع، رحمه الله في بناء بيته، وكان الأستاذ (المعلم) معلم البناء، معه عماله ومعروف عددهم ومهنهم، فهذا مخصص لنقل الماء، وذاك لخلط الطين بالماء، وهؤلاء لنقل اللبن من مكان إلى مكان، والعمال تبع للمعلم، لا يذهبون لأحد غيره من المعلمين، وإلا طرده الأستاذ، وقد يكونون لهم سنين طويلة مع هذا المعلم لا يفارقونه.
يقول راوي السالفة: فكان أبو سليمان، عبد الله الجربوع يجلس بالقرب منا تحت ظل أحد الجدران، بالقرب من العمال، فيأتي من يبحث عن عمل ويسأل الأستاذ - المعلم -: هل يريد زيادة عمال أو عمال؟ فيرد الأستاذ: لا، فيذهب الرجل مكسور الخاطر فليستدعيه أبو سليمان ويقول له: اشتغل، ويأمر أبو سليمان الأستاذ بأن يبحث له عن عمل، شف له شغلًا، فيقول الأستاذ: عمالنا مكتملون ولا حاجة لنا في زيادة عمال، ولكن أبو سليمان يصر على تشغيل هذا الرجل، فيشغله الأستاذ بشغلة ثانوية، وقد يكونون في بعض الأيام أكثر من عامل واحد يعملون بلا عمل.