للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا أقبل أحد إخوة أبي سليمان رحمهم الله جميعًا أخفى أبو سليمان العمال الزائدين في أحد الزوايا حتى يرجع هذا الأخ ثم يعود العمال إلى عملهم.

وأما الموقف الرابع والأخير لأبي سليمان عبد الله الجربوع، وقد رواه لي الزميل إبراهيم بن علي العليقي، قال فيه:

كان أبو سليمان جالسًا في السوق عند صاحب دكان، وكانت امرأة بيدها مهاف (مراوح يدوية) تبيعها، أخذت المرأة تجوب السوق طلوعًا ونزولًا فلم يشتريها أحد ولا حتى يسألها عن ثمنها، وأبو سليمان يلاحظها وهي تروح وتغدُو فرق لحالها، ناداها وقال لها: بكم تبعينن هذه المهاف؟ قالت: سمها يا عم: (حدد أنت سعرها)، فقال لها: بكم تبيعين أمثالها عادة؟

فقال: بكذا، فأخرج من جيبه أضعاف ثمنها، فاستغربت المرأة هذا المبلغ لأنه كثير وقالت: ياعم، كل هذا المبلغ ثمن للمهاف؟ قال رحمه الله: نعم، فانصرفت من عنده وهي تدعو له بخير، وهو أهل لذلك الخير إن شاء الله، وعندما نهض أبو سليمان لينصرف إلى منزله، قال الرجل الذي جالس عنده أبو سليمان، خذ مهافك، قال أبوسليمان: هي لك هدية، ليس لي بها حاجة، فرحم الله أبا سليمان وأكثر الله من أمثال هذا الرجل (١).

من أخبار الجربوع أيضًا ما ذكره الأستاذ ناصر العمري قال:

سليمان بن محمد الجربوع من أهل بريدة ومن قبيلة شمر عمل في تجارة الإبل وهو شاب وقد لقبه أصدقاؤه بلقب الشراري لأن الإبل تألفه وتقترب منه إذا كان في الصحراء، وتلك من عادة الشرارات.

سافر ابن جربوع من بريدة إلى حدود المملكة الشمالية مما يلي العراق لشراء الإبل وحل ضيفًا على أهل قرية ليس فيها سكان إلا رجل كبير السن


(١) سواليف المجالس، ج ١، ص ٢٥ - ٣٠.