ذلك اليوم، وكان على من يرغب أن يرى جلالته أن يرتب ذلك مع إبراهيم، ولكن الملك كان من الناحية الواقعية يرى تقريبا كل إنسان يود مقابلته، وكان جلالته يبدأ بمقابلة من لديهم أمور مهمة في مجلس خاص حيث يقدّمون له واحدًا بعد آخر طبقًا لاسبقيتهم ومكانتهم، فإذا أخذ عدد هؤلاء في التناقص بدأ بتصريف الرسائل اليومية، وكان من المألوف أن تراه يتحدث إلى أحد زعماء البادية وهو يملي رسالتين في وقت واحد.
وبعد ذلك يعقد مجلسه العام الذي يستطيع أن يحضره كل إنسان، وكان يضّم، عادة، ما بين ثمانين وثلاثين ومائة رجل، وكان جلالته يبدأه بتلاوة آية من القرآن وتفسير لها، ثم يتحدث عن موضوع ذي أهمية وطنية، ويطلب من الحاضرين أن يناقشوه فيما يودون مناقشته، وكان الأمر يتم بطريقة أشبه ما تكون بالمؤتمر الصحفي إلا أنها أقل رسمية، وكان للملك قدرة فذة في فهم النقاط المهمة في أية قضية يسئل عنها، كما كان قادرا دائما على أن يعطي إجابة فورية كاملة بعبارات موجزة مختارة، وبهذه الطريقة كان كل إنسان يغادر مجلسه وهو مرتاح لأنه قد نال من جلالته اهتمامًا شخصيًا، ونادرًا ما كان المجلس العام يدوم أطول من أربعين دقيقة، لكن كمية العمل التي تنجز فيه كانت مدهشة.
وكان ابن جميعة، بعد انتهاء المجلس العام، يحضر إلى الملك قائمة بأسماء من حضروه فيكتب جلالته مقابل اسم كل واحد منهم عطاءه، ولم يحدث أن أحدا من هؤلاء ذهب صفر اليدين.
والواقع أن كمية المواد الممنوحة كانت من الكثرة بحيث أن توزيعها كان ينظّم عن طريق المستودع المركزي في وسط مدينة الرياض، وغالبًا ما كان في تلك العطايا شيء أكثر من مجرد الكرم، فقد كان من العادة أن يأتي جميع البدو الذين حاربوا مع الملك إلى مجلسه العام مرة كل سنة، وإذا احتاجوا إلى سكن ليلة مجيئهم إلى الرياض هييء لهم ذلك مجانا، أما الهدايا التي كانوا