والعادة أن الكبير السن من الناس كالسيارة القديمة إذا أصلحت منها آلة فسدت الآلة الأخرى، ولكننا سوف نبذل جهدنا معه والتوفيق بيد الله.
فقلت له: هذا هو المطلوب منك.
فأعطاه دواء ووكل إلى ممرض عنده يقال له محمد الدغيري أن يتردد عليه، وليس عند الطبيب سيارة فضلا عن الممرض فكنت أخذه إليه في بيته.
وبعد أيام شفي الستاد ابن حامد من هذه القرحة الكبيرة في ذراعه ولم يبق إلَّا مكانها.
ولكن العجيب الغريب أن الطبيب الذي عالجه وهو لبناني شاب في غاية الصحة وصفاء اللون حان وقت أجازته فذهب للطائف وجاءنا خبر وفاته هناك على شبابه وصحته وأظنه في الثانية والثلاثين من عمره.
وعَمّر الستاد ابن حامد بعد ذلك سنوات ومات هرمًا، وذلك في عام ١٣٧٧ هـ.
كان الستاد علي الحامد أبا بنات لم يعش له إلَّا ابن واحد اسمه محمد علي اسم والده، ولكنه لم يكن على ما يهوى أبوه، إذ كان يود لو أن يكون مثله (استاد طين) أي معلمًا لبناء الطين مثله، ويقتضي ذلك منه أن يمر بتجربة صعبة إذ لابد الأستاذ الطين قبل أن يكون (استادًا) أن يعمل حرفيًّا أي عاملًا من عمال الطين، وذلك أمر شأق في تلك العصور لأن الناس يحاسبون الحرفي حتى على الوفقة ويطلبون منه أن يعمل من طلوع الشمس إلى صلاة الظهر في القيظ، وفي غير القيظ قد يعمل إلى غروب الشمس، ولكن ذلك يحتاج من صاحب العمل أن يعشيه وهو أمر له أهميته عند كثير من الناس، أما إذا عمل إلى صلاة الظهر، فإن الذي يقدمه له صاحب العمل هو الغداء في وقت الضحى فقط وهو تمر فقط ولكن العامل الحرفي يأكل من التمر ما يأكله ٣ أو ٤ من غير العمال.