وشيء آخر أشار إليه إبراهيم باشا فيما نقل الإخباريون لنا عنه أنه كان صاحب كلام واضح مباشر في بعض المسائل لا يكني فيها ولا يستعمل المجازات.
قالوا: ومن ذلك أنه بعد أن فرغ من حرب الدرعية أقام أيامًا في عالية القصيم عند أبانين، وذلك لكون الهواء فيها طيبًا، وربما كان العام عام ربيع، وقد اجتمع عنده فئات من كبار أهل نجد ممن جلبهم معه جبرًا، وممن جاءوا إليه اختيارًا مثل رؤساء بعض القبائل العربية التي أعانته على الحرب بما سهلت له من الأدلاء، ونقل المهمات الثقيلة لجيشه على إبلها، وكذلك من نقل المؤن والأسلحة.
فقال إبراهيم باشا يخاطب أحد شيوخ الأعراب الحاضرين عنده في ذلك المجلس: يا فلان هنا ثلاث ضرطات قسمهن.
فقال الأعرابي: ما أنا مقسم ضراط يا إبراهيم باشا.
فقال إبراهيم: بل أنا أقسمها الأولى لإبراهيم باشا - يعني نفسه - كيف أقيم على الرس ثلاثة أشهر أحاربه، وأنا ما جيت من مصر لأجله، أنا جاي لأجل القضاء على الوهابي، يريد الإمام عبد الله بن سعود الذي لم يكن يسميه إلَّا الوهابي، ولم أترك الرس فإن كان أنا تغلبت على الوهابي وأخذت الدرعية، لم يقاومني أهل الرس كغيرهم، وإن لم استطع فليس الرس أهم من الدرعية؟
قال: والضرطة الثانية لقبيلة كذا وكذا، وذكرت قبيلتين كبيرتين مساكنهما في عالية نجد: كيف يشيلون حمل البعير من الريالات بربال، ويقودون على محارمهم - يعني بذلك محارم أهل نجد - لماذا لم يهربوا بهذه الأحمال النفيسة ثم يلجئون إلى جبال نجد أو يختفون بين أهلها، وكيف لي أنا بلحاق أمثالهم وكيف أجدهم إذا لاحقتهم.
قال: والضرطة الثالثة للوهابي: لماذا لما عرف أن إبراهيم باشا - يعني نفسه - جاي من مصر مع قوة الدولة وأسلحتها وهي مصممة على ملاحقته وحربه لم يهرب