واشتهر جدهم .... باسم (ابوحمزة) راع الركية، وذلك أنه كان مقيمًا في الركية عنده بعض المواشي وشيء من الزراعة، ولكن (الركية) كانت في ذلك الوقت على حدود الأرض الفلاة، فليس خلفها من جهة الشرق عمارة كبيرة، فكان الأعراب يمرون بمواشيهم عليه، فتأكل زرعه أو تعيث فيه فسادًا، وله معهم نكت وأخبار لا يصح أن تروى هنا.
واشتهر بشجاعته وسخائه مع ضيق ذات يده.
حدثني محمد بن عثمان الحسن الملقب (أم الجن) قال اتفق معي سليمان العليط على أن أحضر غنمًا له من الجعلة إلى بريدة وهي ٢٤ خروفًا، بأجرة قدرها ريالان (فرانسي).
قال: فذهبت إلى الجعلة وأخذت الغنم معي عائدًا إلى بريدة وكان الوقت باردًا ولا أستطيع أن أنام مع الغنم في العراء خوفًا عليها من الذئاب.
وقد قاربت الشمس أن تغيب وكنت وصلت (الركية) فقلت: أدخل الغنم الليلة في مكان الغنم عند (أبو حمزة) وفي فجر الغد أبدًا السير بها إلى بريدة حتى أصل بها في أول الليل.
قال: فلما سلمت على (أبو حمزة) رَحَّبَ بي، وقال: والدك رفيق لي، الله يرحمه، ثم أسرع يدخل الغنم في مكانها ويدعوني إلى القهوة وقد أوقد نارًا بحطب جزل، وأسرع بقهويني بقهوة مبهرة بهيل ويعللني بحديثه الذي لا يمل.
وقد اطمأننت إلى الغنم، وقد دفيت.
قال: وبعد المغرب أحضر العشاء وكان أهم ما فيه مرق دسم فيه (حبحر)(شطة) وفيه لحم كثير من بطن دبيحة مثل الكرش والرئة والمصران.
قال: وكنت جائعًا فأكثرت من هذا العشاء الفاخر، ونمت مطمئنًا في تلك الليلة في فهوة أبو حمزة.