الوعاظ والزهاد في قلب الجزيرة العربية، إنه الشيخ فهد بن عبيد آل عبد المحسن رحمه الله، الذي توفي في شهر جمادى الآخرة من هذا العام ١٤٢٢ هـ، بعد مائة عام حافلة بالتقوى والزهد، والذي كان منذ السابعة عشرة من عمره يعظ الناس ويذكرهم في المساجد، واستمر على ذلك في آخر حياته في منزله صبيحة كل يوم.
وعائلة آل عبد المحسن من العائلات التي عرف عدد من أبنائها بالعلم، حيث خرجت أربعة من العلماء منهم الشيخ إبراهيم صاحب تاريخ (تذكرة أولي النهي والعرفان)، وعبد الرحمن الذي توفي ولم يبلغ الثلاثين عام ١٣٣٧ هـ في عام الطاعون العام (سنة الرحمة)، وكان من الفقهاء الشباب الذين يعدون من أقران الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي السعودية السابق، ومنهم الشيخ عبد المحسن الذي توفي عام ١٣٦٤ هـ.
وفهد العبيد رحمه الله - أكثر الشخصيات أثرًا في حياة صاحبنا - هو امتداد المدرسة آل سليم علماء بريدة، امتاز الشيخ فهد وجماعة معه بالحرص على إتباع أقوال الإمام أحمد بن حنبل، والتمسك بتعاليم الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وبما أن الوظائف الحكومية لم تكن محبذة لدى الشيخ فهد وأتباعه حيث رأوا أن طريق الورع الحقيقي هو التنزه عن العمل في الحكومة، والتوجه إلى التجارة، وقد كان محمد بن عبد العزيز السليم لا يأكل إلا من كسب يده، وقد يأتيك زائرًا أو عائدًا، ولكنه لا يشرب عندك فنجال قهوة، أخذ على هذا ثلاثين عامًا حتى فاضت روحه رحمه الله.
وحرصًا على تنشئة أبنائهم تنشئة سليمة أنشأوا مدارس خاصة بهم لا تتبع لوزارة المعارف، يضعون مناهجها، ويقررونها على التلاميذ مكتفين بالعلوم الشرعية من القرآن الكريم والتفسير والحديث والفقه، وأما العلوم الأخرى فإنما هي عندهم صناعات ومهن، أو علوم جهلها لا يضر والعلم بها لا ينفع!