السحاب، غير أنه حينما لا يجد عند ابن تيمية وابن القيم الإجابة يلجأ إلى تفسير تلك الظواهر والكشوفات بالسحر والطلاسم والخوارق الشيطانية، وهذا ما جعله يذهب إلى أن الشيطان انتفخ وخيل لرواد الفضاء أنهم نزلوا على سطح القمر ولم يكن ذلك سوى إبليس انتبر وظهر لهم بصورة القمر، وهذا هو ما حمله أيضًا على أن ينكر الذرة في كتابه (وحدة الوجود العصرية) ويفسر القنبلة النووية بقوى الشياطين الخارقة ليبلغ بالأمر منتهاه فيتوج ذلك بمذكرة (العلوم العصرية والآلات السحرية) والتي أصدرها عام ١٩٨٣ م، ذكر فيها أن كل ما توصلت إليه الإنسانية اليوم من تقدم في الصناعة وثورة الاتصالات والمواصلات وأجهزة إلكترونية وآلات كهربائية ما هو إلا خوارق شيطانية وخيال يلف حياتنا لا حقيقة له.
كان حب صاحبنا لشيخه قد استبد به فلم يقنع بأن تنتهي تلك الصلة الطويلة هذه النهاية المؤسفة، فواصل الكتابة إليه وتابع الرسائل على الشيخ يلين حديده ويقبل الخيارات التي عرضها عليه، إما أن يكف عن نقاش هذه المسألة، أو أن يوافقه في ما ذكره ونقله عن علماء لهم أعظم المكانة عند شيخه، ولكن الشيخ ظل صامتًا.
اعتزل صاحبنا مدينة بريدة عاتبًا آسفًا، وبنى له مسكنًا من صفيح في (الظليم) جنوب شرقي بريدة على يمين الذاهب إلى بلدة الشماسية، وأخذ في عزلته سنتين منصرفًا إلى نفسه فكانت تلك العزلة خلوة بربه صورت آلامه لذة، وغربته أنسًا وجوعه شبعًا، ومرضه صحة.
عرض عبد الكريم شيئًا من قناعاته على بعض العلماء الذين لم تعجبهم أفكاره، وكانت زيارته للرياض عام ١٩٨٣ م هي المرة الأخيرة التي ركب فيها السيارة وبعدها كتب مذكرته (العلوم العصرية والآلات السحرية) والتي ضمنها خلاصة أفكاره عن المدنية الحديثة.
استقر صاحبنا أخيرًا في حي (الخبيبية) في الريف الغربي لبريدة، حيث أنشأ