وكان - رحمه الله - عابدا لله، يقوم الليل، ويحرص على النوافل، قال لي ولده الأكبر (الشيخ سليمان): (لقد حج والدي فرضه سنة ١٣٤٧ هـ ولم يدع الحج بعدها سوي موسم واحد، وكان يتابع العمرة، ويصوم التطوع، ولو قلت لك: إنه يقوم الليل كله، لما كنت مبالغًا، بل كلما أفاق من نومه صلى ما كتب الله له، وكان يصلي بالناس في التراويح بثلاث وعشرين ركعة، ويختم القرآن مرتين في شهر رمضان، وربما ختمه ثلاثة مرات، وربما قرأ في ركعة القيام بجزء ونصف جزء، وكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، وربما سمعت قراءته في خلوة المسجد وأنا مقبل على المسجد، وكان يحرص على ختم القرآن في آخر نهار عرفة، وفي إحدى السنوات بدأ القراءة آخر نهار الثامن من ذي الحجة، وختم في موعد نهار التاسع!
ويتنفل بعد صلاة المغرب، بثلاث تسليمات، يطيل في الركعتين الأخيرتين) رحمه الله، كان سلفيًا على الأمر الأول، حريصا على إتباع السنة عاضًا عليها بالنواجذ، نابذا للبدعة، متمسكًا بأخلاق أهل القرآن، قال لي الشيخ علي بن عبد الله المشيقح: إن الشيخ (الخريصي) صلى مرة صلاة (المغرب) فقرأ فيها سورة (الأعراف) إحياء لسنة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد شهر رمضان.
وقال لي ابنه (سليمان): كان والدي قبل غروب الشمس بنصف ساعة يقوم من مجلسه مهما كانت أهميته، ليوُرد، فيبتهل إلى الله وُيسبحه ويذكره حتى غياب الشمس، وكان إذا عاد من الوضوء صلى ركعتين، وإذا قام أحد من مجلسه للوضوء ورجع سأله: هل صليت ركعتي الوضوء؟ بل ربما قام من مجلس القضاء للوضوء فإذا عاد صلى الركعتين، والخصوم جلوس ينتظرونه .. ! !
وكان كثيرا ما يردد، دعاء أبينا إبراهيم عليه السلام:(واجعل لي لسان صدق في الآخرين)، ثم يقول: هو الثناء الحسن والذكر الطيب .. ! !