ميدانا مشجرًا يكون أيضًا مواقف لسيارات أهل البيوت المجاورة وقد صار بيته جزءًا من هذا الميدان.
وكنت مرة دخلت على ابن خليفة وعنده مجنون لا أريد أن أذكر اسمه لئلا تحرج أسرته فقال: لابن خليفة وأنا أسمع (كل زق)!
ولم يؤاخذه أو يمنعه من دخول بيته، ابتغاء للأجر فيه ولكونه فاقد العقل، ومع ذلك لم ينفر منهم إلا أن المزية في المجنون أنه لا يملك عقلًا مخططًا منظمًا، بحيث يأتي إلى بيت ابن خليفة كل يوم، وإنما يدخل إذا ما وجد نفسه بجانبه وبخاصة إذا ضايقه أحد من جهلة الصبيان أو ناقصي التربية منهم.
وابن خليفة كان رغم قوة شخصيته ومعرفته اللغة الإنكليزية متواضعا للفقراء والمساكين والمحتاجين فكان يشب النار كل يوم بعد صلاة الظهر، يصنع القهوة وأحيانا يحضر معها التمر في وقت كان لا يفعل ذلك إلا ثري سخي ويفتح بابه يدخل إليه من شاء طيلة دهره فيشرب القهوة ويتدفأ بالنار في الشتاء.
وحتى كان من بين من يدخلون عنده عدد من المجانين الذين كان أهلوهم يتركونهم يتجولون في الشوارع، إذا كانوا لا يعتدون على الناس بضرب أو نحوه، أما إذا كانوا كذلك فإن أمير البلد، ونظراءها يقولون لهم: كفوا مهبولكم، وحددوه وإلا حبسكم الأمير لأنه يضر بالناس.
وكنا ونحن صبيان نفزع ونخاف من هؤلاء المجانين المتجولين بملابسهم القذرة وأصواتهم المنكرة.
فكانوا يدخلون على ابن خليفة وبعضهم كان يضرط عنده لأنه لا يميز، وعبد الله ابن خليفة إلى تواضعه للفقراء والمجانين فإنه كان قوي الشخصية صديقًا لطائفة من أمراء القرى وأعيان البلاد من أمراء القرى الذين كانوا إذا جاءوا إلى