لذلك بقي ابن خليفة في أمريكا ست سنين حتى رأى أمه في النوم وهي تبكي وتحرِّج عليه أن يأتي إلى نجد حتى تراه قبل أن تموت.
قالوا: وكان هذا هو سبب عودته وربما كان ذلك لهوى في نفسه أيضًا لأن عادة جماعة أهل بريدة، إذا حصل الشخص منهم مالًا أحب أن يعود إلى بلدته فيعطي منه من يعطي، ويتمتع بما يتمتع به وبعضهم يستطيع استثمار شيء من ذلك المال، على قلة وسائل الاستثمار ما عدا المداينات، وبعضهم يأكل جميع المال ثم يعود ثانية إلى الغربة.
أما ابن خليفة فقال لي: إنه باع كل ما يملك بجنيهات ذهبية حملها معه وسافر من الولايات المتحدة عن طريق المحيط الهاديء لأن هدفه هو الوصول إلى الهند التي كان يعرف أن كثيرًا من البضائع التي كان يبيعها في أمريكا تأتي منها وأنها فيها رخيصة.
وفي الهند اشترى تلك البضائع وغيرها بما معه من النقود وحملها على سفينة إلى البحرين، ومن هناك إلى (أبو عينين) وهو الجبيل ثم حملها على الإبل إلى بريدة.
وقد فتح له دكانًا في بريدة صار يبيع فيه من تلك السقوطات كما كانت تسمى.
ثم صار يبيع ويشتري واستمر كذلك حتى مات.
كانت رحلة ابن خليفة إلى أمريكا على قرب وقتها أشبه بالأسطورة، ولذلك حاكت النساء وجهال العامة حولها حكايات وأساطير من ذلك أن أهلها كلها كفار، ولذلك لم يكونوا يسمحون لابن خليفة أن يؤذن علنًا فكان يصلي سرًّا، ولكنه كان يؤذن في (قرعة)!
والقرعة هي الياقطينة أو ما تسمى بقرعة نجد كان أهل نجد في القديم