استفضعوا ذلك وقالوا: ربما تسرق منك فأعطاها أحدهما أمانة.
ولكنه قال: إن الأفضل لك أن تبيع بها وتشتري، قال ابن خليفة: ولما كنت لا أعرف البيع والشراء في أمريكا اشترى لي أحدهم بها ملابس وهو صاحب محل كبير لبيع الملابس، وأعطاني معها أيضًا ملابس من عنده أبيعها بالسعي.
واستمر ابن خليفة بائعًا متجولًا، وقد تحقق الرجل المسيحي صاحب الملابس أنه ثقة فصار يجعله في دكانه يبيع فيه.
وكان الثاني من اللبنانيين اللذين التقى بهما صاحب دكان (السِّقط) محتاجًا إلى من يساعده في دكانه ولكن لابد من أن يكون ثقة كابن خليفة.
وقد حصل ابن خليفة على مال طيب، واستقر عمله في بيع السقط هذا وقد اختلفت الرواية فيما إذا كان قد آلت به الحال إلى أن يفتح له دكانًا بنفسه أم أنه ظل شريكًا ومساعدًا للبناني، ولم أسأل ابن خليفة نفسه عن ذلك، ولكن أغلب الروايات أنه فتح لنفسه دكانًا في نيويورك.
لم تكن المواصلات سهلة، بل لم تكن ممكنة في ذلك الوقت الذي يكون في مصر إذا أراد أن يكتب رسالة إلى أهله في نجد احتاج وصولها إليهم إلى ٤٠ يومًا على ظهور الإبل أو نحو ذلك، ولكن السفر من مصر إلى نجد ليس متيسرًا في كل وقت إضافة إلى كون بعض الناس لا يلقون بالًا للرسائل مطلقًا فقد يكون الشخص منهم في الشام أو في مصر أو العراق ولا يرسل أية رسالة إلى أهله في نجد، وإنما تكون المعلومات عنه عن طريق شخص رآه هناك أو ذكر له أن أحدهم رآه.
هذا بالنسبة إلى مصر والأقطار العربية فكيف بالحال في أمريكا؟ ولا يوجد طيران يحمل البريد، وإنما هي السفن التي لا يعرف الشخص المعتاد كيف يستفيد منها.