رحمه الله على البلاد، وصار الأعراب لا يستطيع بعضهم أن يغير على بعض وينهب منه إبله أو غنمه.
لذلك كان الأعراب إذا أخصبوا يبيعون من مواشيهم ما يكفي لوفاء الدين الذي عليهم لعميلهم التاجر، مع كونه باع عليهم الشيء غاليًا في الأساس.
وإن العلاقة بين التاجر الحضري وبين الأعراب أمر مهم للجميع، بالنسبة للتاجر فهو ظاهر، وقد أشرت إليه.
وأما الأعراب فإن وجود عميل لهم تاجر في المدينة أمر له أهميته، لأنه لم تكن توجد آنذاك مطاعم حتى المخابز لا توجد، ولذلك لا يوجد خبز يباع، وإنما على من يفد إلى المدينة سواء أكان أعرابيًّا أم قرويًا أن ينزل على صديق له من أهلها يوفر له المأوى والطعام.
لذلك ينزلون على عميلهم التاجر في المدينة في بيته، ويأكلون عنده من الطعام الذي لا يعتني به التاجر بخلاف طعام أهل الحضر، ومع ذلك يكون بالنسبة للبدوي جيدًا، لأن الأعراب لا يحسنون طبخ أنواع الطعام وطرق تحسين مذاقها، وإنما يعتمدون على الألبان، وعلى الأقط والتمر وإن كان اعتمادهم على التمر قليلًا.
وأذكر أنه كان في المسجد الذي كنا نصلي فيه في شمال بريدة وهو (مسجد ابن شريدة) عدد من التجار الذين لهم تعامل مع الأعراب وإذا جاء الأعراب نزلوا عندهم والمراد بالنزول عندهم أن يأكلوا عندهم، وأن يناموا في بيوتهم في ليالي الشتاء الباردة أما في ليالي الصيف، وأيام الدفء فإنهم ينامون عند إبلهم في خارج المدينة حيث المارة من الناس قليل.