ولما اتسع نطاق هذه المدينة ورأى فالح باشا أنها صالحة للإعمار وعليها إقبال عظيم من كل صقع وقطر قام وبنى فيها مسجدًا تصلي فيه الجمعة ومدرسة يدرس فيها مبادئ العلوم الدينية، وجلب لها أحد العلماء من نجد وهو حضرة الشيخ علي بن عرفج من أحد البيوتات الكريمة من إحدى القرى التابعة لبريدة السالفة الذكر، وخصص لهذه الغاية واردات يأخذها العالم المذكور كل سنة من أطعمة السعدون فيصرفها على كل ما يتعلق بأمر المدرسة وطلبة العلم.
وما زال ذلك الشيخ مقيما فيها حتى توفاه الله في سنة ١٣٢٨ هجرية (١٩١٠ م) فطلب حينئذ آل السعدون شيخ علم آخر بدلًا من المتوفى فجاءهم الشيخ العلامة إبراهيم بن جاسر قاضي القصيم عنيزة بريدة سابقًا، وهو لا يزال مقيمًا هناك ومضطلعًا أتم اضطلاع إلى يومنا هذا.
أما عبد الله بن خميس فإنه انتقل إلى رحمة الله منذ بضع سنوات فخلفه ابنه في مقامه ولا يزال الآمر الناهي في تلك المدينة الحديثة إلَّا أنه لا يستغني اليوم عن مراجعة بعض ممثلي الحكومة التي أرسلتهم في آخر هذا العهد للمراقبة ومنع دخول الأسلحة الواردة من الكويت.
الخميسية في هذا اليوم: في الخميسية اليوم من البيوت ما يقدر بألف، ويبلغ سكانها خمسة آلاف وهي لا تزال آخذة في الرقي والتمدن للأسباب التي ذكرناها، وما زالت الأسرة المؤسسة فيها إلى يومنا هذا، وكلمتها نافذة، ومما يجدر ذكره أن هذا البيت أصبح ملجا الكرام الذين يخونهم الدهر من أمراء وشيوخ وتجار وأغنياء أو كل من نبذته أرضه فزايل وطنه فهؤلاء جميعهم يحلون ضيوفًا مكرمين في دار أولئك الأماجد فيجدون هناك وجوها باسمة وصدورًا رحبة وكرمًا حاتميًا ومقامًا منيعًا بدون أن يسمعوا شكوى أو يروا فيهم مللًا أو يظهر منهم أقل ضجر.
سكانها: أغلب هؤلاء السكان من نجد إن لم نقل كلهم، والسبب في ذلك