للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضهم قد توطئوا تلك الربوع كما احتلوا بلاد العراق كبيرها وصغيرها، ولقد تقدموا في التجارة أحسن من غيرهم بكثير.

وكذلك قل في العلوم على مختلف أنواعها وتشعب أفنانها كل ذلك في البلاد المختلفة المذكورة كما في ديار قطرهم الواسع، فإنك لا تسير إلى بلد إلَّا وتجد فيه منهم نفرًا يتعاطى الأمور التجارية غير غافل عن العلوم المعروفة في تلك البلدة مقامه.

ولهذا إذا تيسر لك فدخلت بلادهم ترى فيهم هذا يكلمك بالتركية وذاك يطارحك الكلام بالفارسية وتسمع واحدا يذاكرك بالهندية ويقبل إليك آخر يفاتحك بالإيطالية، ويقترب منك صديق يحب مخاطبتك بالفرنسوية إلى غير هذه اللغات من أوردية وتاميلية وانكليزية.

إن هذه المعلومة وحدها تبعث على العجب في فترة مبكرة من تاريخ الاتصال بين الجزيرة العربية والبلاد الغربية، فالمستشرقون يحددون مجموعة من الهجرات الحديثة من نجد إلى مصر والسودان وشمال إفريقيا، فضلًا عن العراق والشام وفلسطين، أما الصلة بالهند فربما هي التقليد الراسخ بسبب التنافس التجاري البحري، ولكن المعلومة الجديدة التي تبعث على التأمل وتستحق التقصي هي وصول أهل القصيم في ذلك الوقت إلى إيطاليا وأميركا وانكلترا.

وعن حائل ينتقي في مدحها الجانب الذي يناسب ولعه وهواه فيقول: وترى في بلادهم اليوم الكتب العربية القديمة النادرة الثمينة التي لا ترى لها وجودًا في سائر البلاد العربية وأغلبها غير مطبوع، وتؤانس جماعة منهم تطالع الصحف السيارة والمجلات الموقوتة، وأهل هذه الديار أنور من غيرهم من تلك الأقطار في العلوم العصرية وأوسع إطلاعًا في الأمور السياسية، ولهم ميل شديد إلى الحكومة العثمانية، وهذا الميل أظهر فيهم ممن سواهم، لكن