الخروف وعوضي على الله فيه لكن أبي هالرجل لي ولخوياك.
قالوا: فأكل هو ورفقة ابن دخيل الله رجل الخروف وناموا.
أما ابن دخيل الله فإنه بعد أن رآهم استغرقوا في النوم أخذ يحش الحشيش من مكان غير بعيد منهم حتى انتهى من حش ما يكفي حمل بعيرين وجعله أربعة أكوام من أجل أن يعادل كل كومين على بعير، ثم ذهب في آخر الليل إلى مكانه ونام.
ولما طلع الفجر قاموا للصلاة وعجبوا من رؤية قارتين في الظلام قريبًا منهم لم يكونوا قد رأوهما من قبل وهما الكومتان من الحشيش ظنوا أنهما قارتان بعيدتان، ثم أيقظوه للصلاة قائلين: عبد الرحمن يا عبد الرحمن قم، صل، الصلاة.
فقال لهم وهو يتصنع الضعف: أنا مصخن يشعرهم بأن ذلك بسبب ما أكله من اللحم والشحم فصدقوه، إلا أنهم توجعوا من ذلك يس من أجله هو وإنما من أجل الحشيش الذي كان من المطلوب أن يحشه ويحمل به بعيرين، لأن العادة أن من يعجز عن الحشيش لمرض أو نحوه فإن رفقاءه لا يرجعون ببعيره دون حمل، وإنما يقطعون من الحشيش ما يكفيه، ويحملونه عليه، وهذه عادة لهم ثم بكروا إلى الحشيش، وكانوا يبداون بذلك قبل طلوع الشمس، إلا أنهم عجبوا عندما لم يجدوا في الأرض ما يقطعونه، فقد كانت البقعة القريبة التي كانوا قد اختاروها خالية من العشب، إذ كان قد قطع ما كان فيها من الحشيش.
ثم عرفوا بأمره، ولم يعجبوا منه.
ومن ذلك أن رفيقًا له كان يحش معه الحشيش في النفود الشرقي وهي الكثبان الشرقية من بريدة، وكان الحشيش قليلًا متفرقًا فكانا يجمعان ما يحشون منه بالمناثر وهي شبية بالبساط من الصوف الخشن الثقيل يجمع فيها الرجل الحشيش والعلف ثم يحمله على ظهره، ويذهب به إلى حيث يجمع الحشيش.