وبرنامجه الذي كنت أراه فيه أنّه يمر بالجردة، التي هي الميدان الرئيسي الذي تباع فيه المواشي من الإبل والغنم وهو مثل سائر عقيل ممن يتاجرون بالمواشي وبعضها تجارة غير مباشرة.
وسوق المواشي يبدأ مبكرًا وينتهي في نحو الحادية عشرة أو العاشرة والنصف ضحى، فينحدر إلى السوق فيجلس في دكان محمد الأردح ويجلس معه فيه بعض أولاده، أو الذين لهم به علاقة.
وكان يفعل ذلك أيضًا بعد العصر.
وذلك قبل أن يكون له دكان خاص به في أعلى سوق بريدة من جهة الجنوب ليس وراءه إلا الشارع الذي يذهب جنوبا ويدع (مسجد حسين) الذي كان بعض النّاس يعرفه بمسجد الجردة على يساره.
إنّ كثيرًا من رجال عقيل وأثريائهم ولو كانوا قادرين على استئجار الدكاكين لم يكونوا يفعلون ذلك، لأن تجارتهم هي في الإبل يشترونها من نجد ويذهبون بها إلى الشام ومصر ويكسبون من ذلك مكسبًا كبيرًا في بعض الأحيان، وقليلًا في أحيان أخرى.
أما الإفلاس فإنه نادر بينهم، ولا يكون إلا من جائحة عارضة كإغارة أناس من اللصوص لأعداد قليلة أو متفرقة من عقيل وأخذ ما معهم، وإلَّا فإن عقيلًا يحمون أنفسهم بأنفسهم من المعتدين عليهم من الأعراب وغيرهم كما قال النّاس في أمثالهم:(عقيل دون عِقلهَا) أي عقل إبلها وهي جمع عقال وهو الحبل القوي الذي يعقل به البعير لئلا يشرد.