وذكر ما نعرفه نحن من أن الحجاز يريد منطقة مكة المكرمة ما فيها بعير صالح لمثل هذه المهمة التي تتطلب سير شهر على وجه التقريب لقطع المسافة من الرياض إلى مكة ذهابا ومثلها إيابا، ولا يصبر على ذلك إلَّا بعير قوي على شيء من حسن الحال كالسمن والسلامة من العيوب.
لذا طلب أن يشتري الجماعة المذكورون وهم الرشود والمشيقح له أربعمائة مطية، والمطية هي البعير الذي يركبه المسافر، وليس كل بعير يصلح مطية، وذكر أن أربعمائة بعير هي الحد الأدنى والأعلى هو خمسمائة.
ولكنه ذكر شيئًا مهما جدًّا وهو أنّه لم يكن عنده دراهم حاضرة، إذ قال:(وأيضًا حنا اليوم الحاضر ما عندنا دراهم) والمراد دراهم يشتري بها هذه الإبل التي يريد أن يحج عليها هو وحاشيته ولكنه استدرك قائلًا:
وإن كان الخير واجد، أي الدراهم كثيرة من فضل الله، ومع ذلك فالشيء بقبول، يريد أنّه في انتظار خير كثير من الدراهم، وبقبول: أي س تقبل الدنيا عليه، وقد صح ما ذكره، إذ تفجرت ينابيع البترول في البلاد وجاء الخير الكثير بعد ذلك، وإن كان ذلك بعد سنوات طويلة، وطولها على المحتاجين للنفقات الضرورية أكثر.
وقد لخص حال الدولة السعودية المالية في ذلك التاريخ بقوله:
"والدخل اليوم با الله يكافي أمور أهله، ويريد بذلك أن دخل الحكومة لا يكاد يكفي لمصروفاتها".
ثم ذكر أوصاف الإبل المطايا التي يريدها بأنها رحول جبره، والجبرة: الغليظة الأعضاء أي الكبيرة الحجم، ووصفها بأنها تكون سمينة أو ذلول ناطح، والذلول الناقة الذي اعتادت على الركوب من قبل، وصفها بأنها تنطح أي تنطح السفر بمعني تقدر على قطعه وتتحمل ذلك.