وعن سيرتهم معهم، فقال: يا ناصر، وش لون ولدك معك؟ عساه جيد؟
فأجابه والدي قائلًا:
والله يا أبو علي الولد ماهوب حول الدكان، إلى صار بالدكان وإلى بس جادع رأسه بالكتب يطالع.
فقال الرشودي: هذه شارة طيبة، والشارة: العلامة بمعنى الخصلة ثم كرره قائلًا لي أنا:
هندي شارة طيبة ثم قال يخاطبني: يا وليدي إذا عزل السوق فالحقني أعطيك كتاب.
ومعنى عَزَّل السوق انتهى البيع والشراء فيه وهو الجردة وما فيها من إبل وغنم وغير ذلك، وعندما انتهى السوق في نحو الحادية عشرة والنصف ضحى، لأنه يبدأ مع طلوع الشمس عاد إبراهيم الرشودي إلى بيته من السوق، وكان طريقه على السوق الذي فيه دكاننا وكان يعرج عرجًا خفيفًا لا يفطن إليه سائر الناس، وذلك أن رجله كسرت في حرب فجبرت وهي قاصرة قليلًا.
فلما وصل إلى بيته المجاور لبيت أخيه فهد جنوبًا من السوق وكنت معه، وفتح الباب قال لي: أوقف هنا عند الباب من داخل، ودخل بيته، وبعد قليل عاد وقد خلع مشلحه، ومعه كتاب يضربه بيده ليطير عنه الغبار، فأعطاني إياه.
فقلت له: يا عم، متى أجيبه؟ ظننت أنه أعطاني إياه عارية، كما كان بعض أهل الفضل يفعلون، فقال: يا ولدي، لا تجيبه، تراه لك.
وقد أخذته وأنا لا أصدق، ورحت أقفز كما يقفز الظبي المطارد فرحًا، وكان ذلك في حدود عام ١٣٦٢ هـ، وعمري ثلاث عشرة سنة.
ومن شواهد جرأة إبراهيم بن علي الرشودي ومشاركته في بعض غزوات