في عبادة الله وفي العفة والزهد، فتعلم القرآن وكان في كفاف من العيش، ومع ذلك فكان سخيًا كريمًا لا يمسك على شيء متصدقًا مواسيًا للفقراء والمساكين، وإن كان ذلك جهد مقل، فكان لا يتمالك إذا رأى الفقير عن أن يناوله ما تيسر من قنو تمر أو حزمة سنيل أو ما في يده من النقود، ويخفي الصدقة ويلتذ ببذل ما يقدر عليه، وكان تاليًا لكتاب الله ومكبًا على التلاوة من المصحف ولا يفتر عن الذكر، أما عن صلاة النافلة فحدث ولا حرج، وتعجب لحالته كيف يطيق ابن آدم ذلك القيام والركوع والسجود.
وقد اصطحبنا نحن وإياهم في سفر الحج عام (١٣٥٩ هـ) فرأيته لا يفتر بالليل عن الصلاة والتهجد طوال الليل ويبذل الطعام ولا يمسك شيئًا، ولو كان شهيًا وحج ما يفوق عن ستين حجة وغالبها على ظهور الإبل حتى ظهرت السيارات.
وله خوارق عادات منها أنهم لما أحضروا طعام العشاء له ولأولاده وعاملين عندهم إذا بضيوف لا يقل عددهم عن سبعة فكانوا خمسة عشر بأجمعهم فقام وقعد وأحضر مع الطعام المعتاد تمرًا ثم جعل يسمي ويدير يده على الصحن الصغير ويستنزل البركة فأكلوا وشبعوا جميعًا والصحن على حالته.
وقد وجد في مزرعته ورقة سنبلة فيها الكتابة التي قدمنا ذكرها في السنة التي قبلها، وكان متقشفًا ششن اليدين والرجلين لا يعبأ بما يصيبه من الصدمات وما يكابده من المشاق في هذه الحياة، وكان من رفقة الزاهد محمد بن إبراهيم النجيدي يحجون جميعًا ويعتمرون جميعًا كافًا أذاه عن الناس غامض الذكر غير أن شهرة عبادته وزهده مذكورة وله أخوة منهم عبد الله بن صالح الرشودي يعد من زهاد أهل زمانه، وبما أنه لا يقرأ القرآن فهو مولع بسماعه واستماعه فتجده لا يمل من استماع القرآن من كل قارئ لكتاب الله كبيرًا أو صغيرًا فيجلس متواضعًا عن يمين القارئ ويأتم به إذا سجد للتلاوة، ولو كان ابن خمس سنين، وإذا سمع بجنازة قام مهرولًا لتشييع الميت من البيت أو من