وأوصى بعد ذلك بخمسة أريل منهن ثلاثة أريل لبن للمقبرة، واللبن - بكسر اللام والباء - جمع لبنة وهي كالطوبة من الطين اليابس، ولبن المقبرة المراد به ما يوضع فوق لحد الميت لئلا ينهار عليه التراب.
فهو لبن للقبور التي في المقبرة، ثم ذكر الريالين الباقيين بأنهما تصرفان في سهلة للمساجد، وهذه لا يعرفها الجيل الناشيء من أبنائنا وبناتنا إلَّا بتعريف.
فالسهلة - بكسر السين - هي الرمل، وقد اعتاد الناس ونحن منهم إذ كان والدي يفعل ذلك كل عام، وذلك أنهم إذا انسلخ وقت البرد وأقبل الحر يأخذون فرش القهوة التي هي غرفة الاستقبال في البيت ويحفظونه في مكان خارج عنها ثم ينظفون مكانه وهو يكون غالبًا من السجاد والبسط، ثم يحضرون رملًا نظيفًا، ويفرشون القهوة به، أي يضعونه متساويًا فيها.
ويبقى كذلك حتى بدء موسم البرد، فيبعدون هذا الرمل الذي هو السهلة، ويعيدون فرش القهوة بالسجاد أو الفرش الأخرى.
والأمر قريب من ذلك في المساجد، غير أنها لا تفرش مطلقًا، ولا يوجد أي فراش في أي مسجد، وإنما تجلب إليها السهلة وهي الرمل فتفرش فيها لأنها لينة نظيفة، حتى إذا اتسخت من كثرة الاستعمال، واتساخها من اختلاطها بالتراب، أبعدوها وأحضروا سهلة جديدة، فهذه هي التي أوصى (راشد أبو رقيبة) بريالين من غلة أوقافه لها وسماها (سهلة المساجد).
وأوصى بستين وزنة تمر للصوام، وهم الذين يصومون شهر رمضان منها ثلاثون وزنة لمسجد ابن سيف وهو ناصر بن سليمان السيف، وقد هدم هذا المسجد وأدخلت أرضه في أرض السوق المركزي الواقع إلى الجنوب من المسجد الجامع.