فقد عانيت من شيء شبيه بذلك عند العمل في كتاب (معجم بلاد القصيم) إذ إن كثيرًا من الرجال البارزين في غير ميدان العلم أو الحكم أو الشعر لا توجد عنهم أية معلومات مع قرب العهد، وكثرة الذرية والنسل أو الأقارب، وإذا بحثنا عن المعلومات الميدانية لدى من عرفوهم أو عاصروهم كان الصد أو الإعراض، لأن هذه الأمور لم يتعودوا عليها، ولذلك لا يتذكرها بعضهم، وحتى الكتبة ومن يستطيعون التدوين من طلبة العلم لا يدونون أشياء تستحق الذكر، لعدم اقتناعهم بتسجيل تلك المعلومات:
إن كتاب الدكتور المحقق المدقق عبد الله بن محمد الرميان هذا يعتبر حلقة في سلسلة ذهبية حاولت استنقاذ ما يمكن إنقاذه من المعلومات المهمة الضائعة أو التي هي على وشك الضياع من تاريخ وتراجم الشخصيات البارزة في مدينتنا (بريدة) وغيرها، ولا بد أن نذكر من تلك السلسلة، التاريخ الذي صنعه الشيخ إبراهيم بن عبيد العبد المحسن أثابه الله وكتاب (علماء آل سليم) للشيخ صالح بن سليمان العمري أول مدير التعليم في القصيم، وما سجله ابنه الدكتور عمر أستاذ التاريخ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض من ترجمات لعلماء أو وجهاء ورجال علم وتعليم في القصيم إلى جانب بعض الإخوة الآخرين الذين لم يبلغوا درجتهم من التحقيق والتدقيق.
إن التخصص أو محاولة التخصص عن طريق البحث في أحوال مدينة من مدن بلادنا ينشأ عنه في الغالب التحقق من المعلومات والتبسط في ذلك مما يسهم إذا عَمَّ أو عُمَّمَ في المدن أو المناطق الأخرى في حفظ قسم كبير من تراثنا وتراث أجدادنا من النسيان، ولا غرو في ذلك فأسلافنا من علماء العرب المسلمين قد برعوا في ذكر تاريخ البلدان وأهلها، فأحيانًا يقتصر ذلك على تاريخ مدينة من المدن مثل (مكة المكرمة) للأزرقي (وتاريخ مكة للفاكهي) وتاريخ المدينة المنورة وهي عديدة.