إضافة إلى تاريخ المدن التي ألفها المحدِّثون الأوائل واعتنوا من أول ما اعتنوا به من أمرها بالمحدثين أو الرواة الذين نبغوا منها أو أقاموا فيها، ومن أقرب الأمثلة على ذلك (تاريخ بغداد للخطيب) و (تاريخ دمشق للحافظ ابن عساكر) ومدننا الآن جديرة بأن يؤرخ لها لأنها لم تعد كما كانت في القديم قري صحراوية يخيم على أهلها الجهل، وتعدم فيها الكتب أو تكاد كما كانت عليه الحال في البلاد النجدية قبل دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
ويمكن الاستشهاد من كلام المؤلف الكريم الدكتور الرميان في هذا الصدد بما ذكره عن بريدة بأن فيها ألف مسجد حتى استحقت أن تدعى بالمدينة ذات الألف منارة، وهذا أمر لا نستغربه، فضلًا عن أن نستنكره، لأن مفهوم مدينة بريدة قد حدد الآن حسبما قررته وزارة الشئون البلدية والقروية أخيرًا بحيث يدخل فيه الخبوب - بضم الخاء والباء - كلها وكذلك ما وصلت إليه عمارة بريدة كالصباخ ورواق من جهة الجنوب، وخضيرا وخب القير من جهة الشرق والشقة من جهة الشمال.
إن كتابًا مثل هذا الكتاب الذي ألفه الدكتور الرميان في موضوع لم يؤلف فيه كتاب من قبل لا بد أن تكون فيه ملاحظات شأن كل موضوع من موضوعات البحث البكر.
وقد أطلعني على الكتاب وأنا على وشك السفر فلم أجد فرصة بعد أن قرأته أن أبين له ما عَنَّ لي من ملاحظات عليه لا تعد شيئًا، بل إن وجودها في كتاب مثله طبيعي، بل إن من غير الطبيعي أن لا توجد فيه مثل قوله: إن الشيخ علي بن إبراهيم المشيقح التحق بالمعهد العلمي في بريدة طالبًا ثم بعد تخرجه فيه التحق بكلية الشريعة في الرياض، والواقع أن الأمر ليس كذلك، بل إنني حاولت عندما عينت مديرًا للمعهد العلمي في بريدة قبل افتتاحه في عام ١٣٧٣ هـ أن يكون الشيخ علي بن إبراهيم المشيقح مدرسًا في المعهد وحملت معي كتابًا له موقعًا من صاحب