الاتصالات والمواصلات قبل مدة من الزمن على ما هي عليه في وضعنا الحالي من تطور هائل لاسيما في قنوات الاتصالات وما تحقق من اتصال سريع وتقارب كثيف، وللأسباب السالفة في الماضي كان فقده الأداة الاتصال المهمة بأخبار ابنه ولعله ظن أنه لن يلتقي به إن كان لا يزال حيًّا في هذه الدنيا ولو بعد حين، فقد تفرقت بهما السبل، وباعدت بينهما المسافات، ولاشك أن تغيير اسمه بالذات الذي سماه به والده إلى اسم اختارته له والدته مما أدى إلى التمويه على الأب الملتاع لفراق ابنه وإلى إحكام عملية التدليس عليه بحيث يتعذر عثوره عليه إلى جانب انتقاله من أمريكا.
هذه العوامل جميعها ساعدت في عدم لقاء الأب بالابن خمسة وأربعين عامًا، وقد عاش هذا الابن في كنف والدته لا يعرف والده ولا وطنه ولا لغة قومه وانتهى أمريكيا بحسب ما نشأ عليه، وقد جرى تجنيده في الجيش الأمريكي وكان من بين أفراد القوات المسلحة الأمريكية المحاربة في فيتنام التي أمضي بها ست سنوات وعاد بعد الحرب الفيتنامية إلى بلاده وتزوج وأنجب وكانت آثار الاستدلال عليه قد اختفت من أرض الواقع الذي يعيشه والده، لكنه مع كل ذلك لم ييأس بعدما علم أنه جند في فيتنام وفي عملية الاستقصاء في البحث عنه جرى التأكد من حياته بعدما تم استعراض قائمة القتلى والمفقودين في تلك الحرب.
ولما لم يكن اسم كيف الذي هو نواف بينهم فقد أيقن أنه عاد سالمًا إلى أمريكا، لكن ما هي الوسيلة المجدية في العثور عليه؟
وكما أن نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام لم يتطرق اليأس إلى نفسه للعثور على ابنه يوسف عندما زعم إخوته أنه أكله الذئب:{وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} فقد بقي هذا الأب الوفي لذكرى ابنه موقنًا بأنه موجود لكن لا يعلم أين