هو؟ وعلى أولاده أن يبحثوا عنه حتى تم أخيرًا ذلك اللقاء الرائع المؤثر بين النبي يعقوب وابنه يوسف عليهما السلام في مشهد عظيم ذكره القرآن الكريم.
وكذلك الشيخ خليل الذي امتد به العمر فقد ظل خمسًا وأربعين سنة يسأل عن ابنه في مظان وجوده حتى عثر عليه بعد جهد متواصل وزمن طويل بالقياس إلى فراق والد لولده، وكان هذا الفراق حافزا له على العودة إلى أمريكا في عام ١٤١٢ هـ/ ١٩٩١ م، سعيًا وراء لقاء ابنه لاسيما وهو يرى أن شمس عمره تؤذن بالغياب، ويخشى أن لا يتم له اللقاء به وهو يخطو في نهاية العقد العاشر من عمره.
وبعد رحلة مضنية انتهت بالعثور على عنوان نواف وتعين الاتصال به ويحدثنا عن حيرته في هذا الاتصال هل يكون بالهاتف أو من خلال رسالة يبعث بها إليه لتعريفه بأنه أبوه خشية أن تكون والدته لم تفصح عن الحقيقة، وعند هذا المنحنى في علاقة الأبوة بالبنوة يصاب بالارتباك عندما تقرر الاتصال به، فالرسالة قد تطيل الوقت، والشوق يستعجله للاتصال الهاتفي، وستكون المواجهة مباشرة مع شخص ينتمي إليه ولكنه لا يعرفه فقد فصلته عنه مدة زمنية طويلة، فاعتراه الاضطراب وهو يقرر أن يكلمه هاتفيًا ذلك لأنها المكالمة الأولى مع ابنه البالغ من العمر خمسة وأربعين عامًا، وقد ابتعد عنه طيلة حياته ولا يعرفه.
وبدأت الحيرة تسيطر عليه وكان الدكتور عثمان الرواف ابن أخيه يشد أزره ويقوي معنوياته فجرى الاتصال به والترحيب من جانب الابن وتم اللقاء بين الأب والابن في موقف مؤثر، وعلم من نواف أن والدته لا تزال على قيد الحياة وكانت هي بدورها تظن أنه قد رحل عن هذه الدنيا، ونسيانًا للماضي اتصل من قبله بزوجته السابقة أم ولده كونستانس عبر الهاتف وطلبت منه أن يدعو ابنه لزيارة بلاده وهي التي كانت من قبل تخفيه عنه حتى تحول دون انتقاله إلى بلده.