إلى ما عدا ذلك، إلى الجغرافية المكانية فنهارهم ليل عندنا وليلنا نهار عندهم، وفوارق كثيرة يحسها الوافد إلى تلك القارة الجديدة البعيدة، وإحساس فتانا العربي بالوضع المتغير من حوله في المواصلات والاتصالات مما يجعله ترتسم في ذهنه تصورات المستقبل الحياة الحاضرة، وقد تخلى عن ارتباطه بحياته السابقة، وعليه أن يجرب مواهبه وأن يحيا كفرد في مجتمع غربي لا يرى غضاضة في أن يمارس المرء أي عمل يحقق من ورائه دخلًا فرديًا يعود عليه بالفائدة ما دام وفق الضوابط العامة لأنظمة البلاد، لذلك فعندما عاش مدة زمنية تعرف فيها على المجتمع وتكيف مع أجواء البلاد حاول أن يهيئ لنفسه دخلًا يعيش منه فانطلق يبحث عن مصدر هذا الدخل ووجده في مصادر متعددة فجرب أن يقوم بما يوكل إليه من عمل ولو أدى ذلك إلى أن يجمع في ذاته بعض المتناقضات، فانتقل من ممثل في السينما إلى إمام للمسلمين هناك، ومن فارس يستعرض أعمال الفروسية إلى معلم صبيان، ومن معدم لا يملك من حطام الدنيا شيئًا إلى صاحب متجر تعمل فيه سبع فتيات وثامنتهن زوجته.
رجل عشق المغامرات منذ صباه وخاضها متسلحًا بثقته بالله تبارك وتعالى ومعتدًا بنفسه فقد نشأ في أسرة وظيفتها تجارة تستدعي التنقل بين البلدان عبر مسافات متباعدة ووسط أجواء تسودها المخاوف وتحيطها الأخطار، وفي نشأته تلك وممارساته للحل والترحال تكيف مع البيئة الصحراوية وعايش الأحداث التي تمر بها القوافل في المهامه والقفار، وتكونت لديه خبرة بأحوال الصحراء وأوضاع البادية ووسائل المواصلات البدائية المتمثلة في قوافل الجمال في ذلك العهد.
ومن هذه الحياة الرتيبة الهادئة البسيطة انتقل إلى حياة صاخبة حافلة بالحركة والنشاط إلى دنيا جديدة عليه وفيها بدأ حياة مختلفة عما ألفه في سابق عهده، فقد واجه أوضاعا مختلفة عما ألف واعتاد في بداية عمره تعتمد على