ومحاولة كل طرف منهما استمالة الأمراء المحليين، كما تروي طرفًا من علاقة والده إبراهيم المحمد الرواف بالقائد التركي (جمال باشا) في سوريا، وقيامه - أي والده - بتموين الجيش التركي باحتياجاته من الإبل والتجهيزات.
ثم تعرج الذكريات على وصف دمشق ومنازل أهله وأخواله فيها، وعلى السعوديين المهاجرين إليها، وبعض الأسر التي استقرت في بلاد الشام ومصر، حيث طاب لها المقام بعد أن جاء أفرادها إليها متاجرين بالإبل (تجارة العقيلات الرئيسية) كما يذكر قصة هروب والده من الشام خشية اضطراره لخيانة صديقه نوري الشعلان، والمشاركة في اعتقاله من قبل الأتراك، حيث ينتهي المطاف بوالده لاجئًا في حائل عند ابن رشيد.
لقد خصص الرواف جزءًا من ذكرياته لوصف تجارة العقيلات هذه التي اشتهر بها النجديون، والتي تعتمد بالدرجة الأولى على شراء الإبل من عرب نجد وبادية العراق في مواسم ترخص فيها إبان مواسم الجفاف، ثم يبيعونها في بلاد الشام بعد أن تتحسن أحوال الماشية في مواسم الربيع، وكان العديد من الأثرياء في القصيم (يضعونهم) الأموال بأسلوب (المضاربة) ليتمكن العقيلات من هذه المتاجرة، فإن ربحت تجارتهم تقاسموا الربح بينهم، لكن الخسارة سواء كانت ناتجة عن البيع والشراء أو عن السرقات والغزوات أو عن الفقد والضياع، لا تطالهم ولا تلحق بمسؤوليتهم، وذلك بحكم الثقة المطلقة المتبادلة.
كان البعض من تلك الرحلات يستغرق شهورا، وقد يستغرق سنوات إذا ما طابت الإقامة لبعضهم، ولذلك فإن الرواف يروي قصصًا لأشخاص لم يلتقوا بأولادهم إلَّا بعد أن تجاوزوا العشرين، وقد كانوا خلفوهم وهم في بطون أمهاتهم.
ثم يتحدث الرواف بالتفصيل عن قصة أول رحلة له مع عمه محمد الأحمد الرواف من الشام إلى بريدة مرورا بالعراق، واصفًا مشاعره لرؤية مسقط رأس