ثم يخصص الرواف الفصل الخامس من ذكرياته للحديث عن بداية الحكم السعودي في الحجاز (١٩٢٤ م) والجهود التي بذلها الملك عبد العزيز لتكوين نواة الحكومة الحديثة ومؤسساتها الدستورية والإدارية وأسماء بعض الشخصيات السياسية المبكرة التي تولت الأمور في تلك الفترة (عبد الله الدملوجي، يوسف ياسين، الطيب الهزازي، عبد الله السليمان الحمدان (ابن سليمان) فؤاد حمزة، رشدي ملحس، حافظ وهبة، وخالد القرقني وغيرهم) من المستشارين السعوديين والعرب الذين اعتمدت عليهم الدولة إبان فترة تأسيسها، ثم يحكي قصة تعيين أخيه ياسين (والد د. عثمان الرواف) قنصلًا عامًا في سوريا ولبنان إبان فترة الاحتلال الفرنسي، وتفكير الملك عبد العزيز عند لقائه به في تعيين شخصية المقال الشيخ خليل الرواف كبيرًا على العسكر النظامي، وذلك بحكم خبرته السابقة مع الحكومة التركية في تجييش الجند وتمويله وتوفير الأمن له، ثم مغادرته المفاجئة عائدا إلى دمشق هروبًا من هذا التكليف المحتمل كما يقول.
ويكشف الرواف في الفصل الخامس من ذكرياته بعض دواخل نفسيته القلقة، فهو يكرر بأنه ليس بتاجر ولا بموظف حكومي، وإنما هو شخصية مغامرة، كتب عليه الترحال، بحثًا عن موقع في الحياة، وأصيب بالاكتئاب والعزلة مرتين، لكن العرض الذي يواصله لسرد قصة حياته مستشهدًا بالأحداث، والمواقع التي مر بها، يجدد على القارئ ما تختزنه ذاكرته من معلومات عن تلك الحوادث والمواقع، فهو ينقل بأمانة واقع تلك البلدان فضلًا عن الجزيرة العربية، في تلك الحقبة الزمنية، سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا بما يجعل القارئ يستمتع ويستفيد ويؤكد معلوماته.
لكن ما أن يدخل الرواف في الفصل السادس حتى يبدأ في التركيز على مدينة معان (جنوب الأردن) التي غدت في العشرينات محطة القوافل النجدية لجلب