قال له التاجر: هذه يا فلاح عدولة لا تفرط فيها، وكان فلاح له ردون قام التاجر وربط الحلمة بردنه، وهو يسخر منه والحضور يضحكون.
استغاظ فلاح ومشي وهو يبكي من الضيم، وما كان منه إلا أنه ذهب إلى عرب غير عربه الذين يسخرون منه وأخذ يومين يمشي، ولما وصل العرب وإذا هو يتمنى الموت من الجوع والعطش ومن القهر الذي شاف من عربه، ووصل إلى بيت كبير، ولما سلم إذا البيت فيه نساء، ورجل يبكي من شدة الوجع الذي في عينيه.
طلب فلاح ماء وبعد ما شرب قال للنساء ورا هذا يبكي؟ قلن: إن عيونه فيها وجع، فقال: معي دوا يبرد الوجع، سمعه الرجل، وكان هو أمير العرب، وقال قرب عندك دوا؟ قال: نعم، على طول يبرد وهو يريده لعله يقتله يستريح من الدنيا والضيم الذي شاف منها.
قام وأخذ من الأرض عود ربط الحلمة وقطر الدم بعينيه فبرد الوجع بالحال وكان له شهر لم ينم من الوجع فنام.
ولما رأت الحريم أنه نام أكرمن فلاح غاية الإكرام وصار عندهم محشوم.
ولما فتَّح الأمير عينيه قال: يا فلاح اطلب، فقال: خل أقص عليك قصتي وبعدين تعرف، قص عليه جميع ما جرى عليه من جماعته، ولما صار الليل دعا جميع الفريق بالحضور للعشاء وذبح الذبائح، وحضر الجميع يهنئون الأمير بالشفاء، فقال الأمير: اطلب منكم يا جماعة كل واحد يهدي على فلاح ما يستطيع، والذي يريد مساعدته إذا صار الصباح يجيب ما تيسر عندي، فلما صار الصباح إذا عنده مئة وخمسين شاة وأربعون بعير، والأمير قال: أنا علي الرعاة والبيت، بنى له بيت وأعطاه اثنين من الرعاة وصار فلاح من أغنى الجماعة.