والغريب أن الشيخ فهد العبيد لم يحس بذلك ولا شكاه، إضافة إلى أن أقدامنا تغوص في الرمل فنعاني من اقتلاعها منه مثل معاناتنا مشقة السير، أو هذا هو ما أحسست به.
وفي نحو الحادية عشرة والنصف وصلنا حائط عبد العزيز السعوي فيها فاستقبل فهد العبيد بسرور عظيم ورحب به ترحيبًا بالغًا، وسأله عن حال كبار الإخوان من طلبة العلم فردًا فردًا.
وذلك أنه لا يدخل إلى بريدة فيراهم، ولا يأتون لزيارته في المريدسية كما يفعل الشيخ فهد العبيد، ويومذاك لا وسيلة للإخوان والأقارب إلا بالسؤال عنهم بمثل هذه الطريقة، وقد أعجبت بصدق الشيخ عبد العزيز السعوي وديانته ونور الإيمان الظاهر على وجهه.
كنت مستمعًا لأكثر حديثهما لأنني كنت صغيرًا وعبد العزيز العودة لا يعرفني وإن كان الشيخ فهد العبيد قد قدمني إليه وذكر اسمي، ولكنه لم يبال بي، ولم يرفع بذلك رأسًا، ربما لكوني نكرة لا أستحق منه التعرف.
وكان حديثهما كله حديثًا أخرويًا، أي يتعلق بالآخرة وأحوالها، وبأقوال المشايخ وأحوالهم.
وقبيل صلاة الظهر كان ابن له أو قريب منه وهو فتى يضع السفرة وفوقها الغداء وهو تمر ومراصيع ولبن، والمراصيع مدهونة بالزبد.
وقد بقينا عندهم حتى صلينا العصر، ثم ودعناهم وقد عرض علينا الشيخ عبد العزيز العودة إن يرسل معنا حمارا نركبه مع أحد أولاده لكي يرجع به إلى المريدسية بعد أن يوصلنا ولكن الشيخ فهد العبيد رده قائلا: إنه لا حاجة بنا إلى ذلك.
ولم تكن لنا حاجة بالركوب بالفعل فعدنا مشيًا إلى بريدة.