سلمت وخاب طلابك، ثم دعاه إلى منزله وأكرمه غاية الإكرام، ثم إنّه أمر أهله بالاستعداد لعمل وليمة كبيرة للشيخ، وكان عنده عدد من العمال والخدم فأمر بعضهم بذبح الغنم التي أمر بها وأمر أحدهم أن يركب حصانًا كان عنده في البستان، ويذهب إلى أمير عنيزة في وقته زامل السليم وأعيان عنيزة، وعلى رأسهم الوجيه محمد العبد الرحمن البسام الذي يلقب عم العمومة، كما أمره بأن يذهب إلى قاضي عنيزة الشيخ علي بن محمد آل راشد وكبار طلبة العلم فيها.
ويدعو الجميع للحضور إلى بستانه للسلام على الشيخ وتناول طعام العشاء معه على المائدة الكبيرة التي أعدها في الحال، فما كان منهم جميعًا إلا أن لبوا الطلب وحضروا بمن فيهم الأمير زامل ومحمد بن بسام والقاضي الشيخ علي المحمد آل راشد وكانت لابن بسام كلمته النافذة بين جميع أهالي عنيزة، فطلب من عبد الله بن يحيى أن يسمح له بأن يكون الشيخ في ضيافته، ولما كان الشيخ في حاجة إلى الحماية ولما يعرفه من مكانة ابن بسام وأنه لن ينال بسوء ما دام في ضيافته فقد اتفق مع عبد الله بن يحيى بعد إقناع ابن يحيى بأن يكون في ضيافة ابن بسام.
ولما انتهى الجميع من تناول طعام العشاء على مائدة ابن يحيى توجهوا جميعًا إلى عنيزة فجمع ابن بسام وجهاء أهالي عنيزة وطلبة العلم فيها، وقال: هذا الشيخ محمد بن سليم قد جاء إليكم هاربا من بلده ولاجئا عندكم فاحرصوا على إكرامه.
وقد بقي رحمه الله مدة تقارب الخمس سنوات، وهو مكرم معزز في عنيزة من الجميع، وقد توافد عليه طلبة العلم من جميع أطراف القصيم، وعمرت مجالسه بالعلم في عنيزة ليلا ونهارا، ونفع الله به خلقًا كثيرًا، وقد بلغني أنّه تمضي السنة وهو في دعوات مستمرة للعشاء والغداء عند أهالي عنيزة فجزاهم الله خير الجزاء على ما صنعوه معه (١).